[المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجساسة]
من المتحقَّق علمُه بين نُقّاد الحديث: صحّة إسناد حديث فاطمة بنت قيس، وبراءة متنه ممّا يُستنكر. ولا أعلم حتى ساعتي هذه - بحسب قاصر نظري - مَنْ ردّه وطعَن فيه من الأئمة المعتبَرين؛ بل إن الإمام البخاري - رحمه الله - مع إعراضه عن إخراج الحديث، واكتفائه بإخراج حديث جابر عن عمر (١)} الوارد في ابن الصّيّاد؛ سالكًا في ذلك مسْلك الترجيح (٢) = إلاّ أنه مع ذا نطق بتصحيح حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها؛ كما نقله عنه تلميذه الإمام الترمذي - رحمه الله -؛ حيث قال:(سألتُ محمدًا عن هذا الحديث [يعني: حديث الجسّاسة] فقال: يرويه الزهري عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس.
قال محمد: وحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس في الدجّال = هو حديث صحيح) (٣).
فلم يحملْه - رحمه الله - رجحان حديث جابر - رضي الله عنه - عنده على الطعن في حديثنا هذا.
وعلى هذا؛ ينبغي النظر فيما ثوَّره الشيخ محمد رشيد رضا وغيرُه على متن الحديث من الاعتراضات العقلية، فيقال:
أما دعوى المعترضين: أنّ كُلًا من البحرين قد مَسَحَهُ البحّارة في هذه الأزمنة مسحًا ... الخ ما قالوا.
(١) أخرجه البخاري في: كتاب"الاعتصام"،باب"من رأى ترك النَّكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجَّة ... " (٩/ ١٠٩ - رقم [٧٣٥٥])،ومسلم في: كتاب"الفتن وأَشراط السَّاعة"،باب"ذكر ابن الصيَّاد" (٤/ ٢٢٤٣ - رقم [٢٩٢٩]). (٢) انظر"فتح الباري" (١٣/ ٤٠١ - ط دار السلام) و"الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللائقة" (٢٦) كلاهما للحافظ ابن حجر. (٣) "العلل الكبير" (٢/ ٨٢٨).