قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَحَدَّثَنِي أَيْضًا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بِخَيْبَرِ، وَكَانَ خَرَجَ إلَيْهَا فِي أَصْحَابٍ لَهُ يَمْتَارُ [١] مِنْهَا تَمْرًا، فَوُجِدَ فِي عَيْنٍ قَدْ كُسِرَتْ عُنُقه، ثمَّ طُرِحَ فِيهَا، قَالَ: فَأَخَذُوهُ فَغَيَّبُوهُ، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ شَأْنَهُ، فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن سَهْلٍ، وَمَعَهُ ابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، وَكَانَ صَاحِبَ الدَّمِ، وَكَانَ ذَا قَدَمٍ فِي الْقَوْمِ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ قَبْلَ ابْنَىْ عَمِّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْكُبْرَ الْكُبْرَ [٢] . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: كَبِّرْ كَبِّرْ- فِيمَا ذَكَرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ- فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ هُوَ بَعْدُ، فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ، ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا فَنُسَلِّمُهُ إلَيْكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَفَيَحْلِفُونَ باللَّه خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ يَبْرَءُونَ مِنْ دَمِهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ، مَا فِيهِمْ مِنْ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْم. قَالَ: فواده [٣] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عِنْده مائَة نَاقَةٍ. قَالَ سهل [٤] : فو الله مَا أَنْسَى بَكْرَةً مِنْهَا حَمْرَاءَ ضَرَبَتْنِي وَأَنَا أَحُوزُهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ [٥] ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن بُجَيْدِ بْنِ قَيْظِيٍّ، أَخِي بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: وَاَيْمُ اللَّهِ، مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ، إنَّهُ قَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْنُ! وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ، مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احلفوا على
[١] يمتار التَّمْر: يجلبه.[٢] الْكبر الْكبر، أَي قدمُوا الْأَكْبَر للْكَلَام، إرشادا إِلَى الْأَدَب فِي تَقْدِيم الأسن. (رَاجع النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير) .[٣] وداه: أَعْطَاهُم دِيَته.[٤] كَذَا فِي الْأُصُول وَسَهل بن أَبى حثْمَة راو للْخَبَر. وَأما صَاحب الدِّيَة فَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن سهل.[٥] فِي م، ر: «التَّمِيمِي» . وَهُوَ تَحْرِيف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute