وَأَصْحَابُهُ! قَالَ: يَقُولُ لَهُ عِكْرِمَةُ: هَذَا لَيْسَ بِقَوْلٍ، وَإِنّمَا الْأَمْرُ بِيَدِ اللهِ، وَلَيْسَ إلَى مُحَمّدٍ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ! إنْ أُدِيلَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ فَإِنّ لَهُ الْعَاقِبَةَ غَدًا. قَالَ:
يَقُول سُهَيْلٌ: إنّ عَهْدَك بِخِلَافِهِ لَحَدِيثٌ! قَالَ: يَا أَبَا يَزِيدَ، إنّا كُنّا وَاَللهِ نُوضِعُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَعُقُولُنَا عُقُولُنَا، نَعْبُدُ الْحَجَرَ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرّ! قَالَ: حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: حَضَرَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِأَفْرَاسٍ وَعَبِيدٍ وَمَوَالٍ، فَقُتِلُوا يَوْمَئِذٍ مَعَهُ، وَقُتِلَ مَعَهُ غُلَامٌ لَهُ نَصْرَانِيّ أَغْرَلُ [ (١) ] ، فَبَيْنَا طَلْحَةُ يَسْلُبُ الْقَتْلَى مِنْ ثَقِيفٍ إذْ مَرّ بِهِ فَوَجَدَهُ أَغْرَلَ، فَصَاحَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَحْلِفُ بِاَللهِ أَنّ ثَقِيفًا غُرْلٌ مَا تَخْتَتِنُ [ (٢) ] ! قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: وَسَمِعْتهَا وَخَشِيت أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْنَا مِنْ الْعَرَبِ، فَقُلْت:
لَا تَفْعَلْ، فِدَاك أَبِي وَأُمّي، إنّمَا هُوَ غُلَامٌ لَنَا نَصْرَانِيّ! ثُمّ جَعَلْت أَكْشِفُ لَهُ عَنْ قَتْلَى ثَقِيفٍ، فَأَقُولُ: أَلَا تَرَاهُمْ مُخْتَتَنِينَ؟ وَيُقَالُ: إنّ الْعَبْدَ كَانَ لِذِي الْخِمَارِ وَكَانَ نَصْرَانِيّا أَزْرَقَ، فَقُتِلَ مَعَ سَيّدِهِ يومئذ. وكان أبو طلحة الْخِمَارِ وَكَانَ نَصْرَانِيّا أَزْرَقَ، فَقُتِلَ مَعَ سَيّدِهِ يَوْمَئِذٍ. وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَسْلُبُ الْقَتْلَى، فَجَرّدَهُ فَإِذَا هُوَ أَغْرَلُ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ لِلْأَنْصَارِ فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاَللهِ مَا تَخْتَتِنُ ثَقِيفٌ! وَسَمِعَهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ. قَالَ: فَقَالَ: أُرِيك يَا أَبَا طَلْحَةَ! فَجَرّدَ لَهُ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: هَذَا سَيّدُ ثَقِيفٍ! ثُمّ أَتَى إلَى ذِي الْخِمَارِ سَيّدِ الْعَبْدِ، فَإِذَا هُوَ مَخْتُونٌ.
قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَجَاءَنِي أَمْرٌ قَطَعَنِي، وَخَشِيت أَنْ تَسِيرَ عَلَيْنَا فِي الْعَرَبِ، حَتّى أَبْصَرَ القوام وعرفوا أنه عبد الهم نَصْرَانِيّ. وَكَانَ الّذِي قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ، فَبَلَغَ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:
[ (١) ] الأغرل: الأقلف، أى غير مختتن. (الصحاح، ص ١٧٨٠) .[ (٢) ] فى الأصل: «ما كننى» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute