مِنْ الْحَرّةِ، فَقَالَ يَسَارٌ لِأَصْحَابِهِ: لَوْ صَاحَ رَجُلٌ شَدِيدُ الصّوْتِ لَأَسْمَعَ الْقَوْمَ، فَارْتَأَوْا رَأْيَكُمْ! قَالَ غَالِبٌ: انْطَلِقْ بِنَا يَا يَسَارٍ أَنَا وَأَنْتَ، وَنَدَعُ الْقَوْمَ كَمِينًا، فَفَعَلَا، فَخَرَجْنَا حَتّى إذَا كُنّا [ (١) ] مِنْ الْقَوْمِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ سَمِعْنَا حِسّ النّاسِ وَالرّعَاءِ وَالْحُلُبِ، فَرَجَعَا سَرِيعَيْنِ فَانْتَهَيَا إلَى أَصْحَابِهِمَا، فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا حَتّى إذَا كَانُوا مِنْ الْحَيّ قَرِيبًا، وَقَدْ وَعَظَهُمْ أَمِيرُهُمْ غَالِبٌ وَرَغّبَهُمْ فِي الْجِهَادِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ الْإِمْعَانِ فِي الطّلَبِ، وَأَلّفَ بَيْنَهُمْ وَقَالَ:
إذَا كَبّرْت فَكَبّرُوا. فَكَبّرَ وَكَبّرُوا جَمِيعًا مَعَهُ، وَوَقَعُوا وَسَطَ مَحَالّهِمْ فَاسْتَاقُوا نَعَمًا وَشَاءَ، وَقَتَلُوا مِنْ أَشَرَف لَهُمْ، وَصَادَفُوهُمْ تِلْكَ اللّيْلَةَ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ الْمَيْفَعَةُ. قَالَ: وَاسْتَاقُوا النّعَمَ فَحَدَرُوهُ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُسْمَعْ أَنّهُمْ جَاءُوا بِأَسْرَى.
سَرِيّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إلَى الْجِنَابِ [ (٢) ] سَنَةَ سَبْعٍ
حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَقَدْ كَانَ دَلِيلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من أَيْنَ يَا حُسَيْلُ؟ قَالَ: قَدِمْت مِنْ الْجِنَابِ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا وَرَاءَك؟
قَالَ: تَرَكْت جَمْعًا مِنْ غَطَفَان بِالْجِنَابِ، قَدْ بَعَثَ إلَيْهِمْ عُيَيْنَةَ يَقُولُ لَهُمْ: إمّا تَسِيرُوا إلَيْنَا وَإِمّا نَسِيرُ إلَيْكُمْ. فَأَرْسَلُوا إليه أن سر
[ (١) ] فى الأصل: «إذا كان» .[ (٢) ] فى الأصل: «الجنان» ، والجناب من أرض غطفان، وذكره أيضا الحازمي وقال: من بلاد فزارة.(عيون الأثر، ج ٢، ص ١٤٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute