قَالَ: وَاَللهِ لَأَقْتُلَنهُ أَوْ لَأُقْتَلَن دُونَهُ قَبْلَ ذلك. قالت: فادخلوا علىّ ليلا.
فدخلوا عَلَيْهَا فَلَمّا نَامَ أَهْلُ خَيْبَرَ، وَقَدْ قَالَتْ لَهُمْ: اُدْخُلُوا فِي خَمَرِ [ (١) ] النّاسِ، فَإِذَا هَدَأَتْ الرّجْلُ فَاكْمُنُوا! فَفَعَلُوا وَدَخَلُوا عَلَيْهَا ثُمّ قَالَتْ: إنّ الْيَهُودَ لَا تُغْلِقُ عَلَيْهَا أَبْوَابَهَا فَرَقًا أَنْ يَطْرُقَهَا ضَيْفٌ، فَيُصْبِحُ أَحَدُهُمْ بِالْفِنَاءِ وَلَمْ يُضَفْ، فَيَجِدُ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَيَدْخُلُ فَيَتَعَشّى. فَلَمّا هَدَأَتْ الرّجْلُ قَالَتْ: انْطَلِقُوا حَتّى تَسْتَفْتِحُوا عَلَى أَبِي رَافِعٍ فَقُولُوا «إنّا جِئْنَا لِأَبِي رَافِعٍ بِهَدِيّةٍ» فَإِنّهُمْ سَيَفْتَحُونَ لَكُمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ، ثُمّ خَرَجُوا لَا يَمُرّونَ بِبَابٍ مِنْ بُيُوتِ خَيْبَرَ إلّا أَغْلَقُوهُ حَتّى أَغْلَقُوا بُيُوتَ الْقَرْيَةِ كُلّهَا، حَتّى انْتَهَوْا إلَى عَجَلَةٍ [ (٢) ] عِنْدَ قَصْرِ سَلّامٍ [ (٣) ] . قَالَ: فَصَعِدْنَا وَقَدِمْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ، لِأَنّهُ كَانَ يَرْطُنُ بِالْيَهُودِيّةِ، ثُمّ اسْتَفْتَحُوا عَلَى أَبِي رَافِعٍ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ: مَا شَأْنُك؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَتِيكٍ وَرَطَنَ بِالْيَهُودِيّةِ: جِئْت أَبَا رَافِعٍ بِهَدِيّةٍ.
فَفَتَحَتْ لَهُ فَلَمّا رَأَتْ السّلَاحَ أَرَادَتْ تَصِيحُ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ:
وَازْدَحَمْنَا عَلَى الْبَابِ أَيّنَا يَبْدُرُ إلَيْهِ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَصِيحَ. قَالَ: فَأَشَرْت إلَيْهَا السّيْفَ. قَالَ: وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَسْبِقَنِي أَصْحَابِي إلَيْهِ. قَالَ: فَسَكَنَتْ [ (٤) ] سَاعَةً. قَالَ: ثُمّ قُلْت لَهَا: أَيْنَ أَبُو رَافِعٍ؟ وَإِلّا ضَرَبْتُك بِالسّيْفِ! فَقَالَتْ: هُوَ ذَاكَ فِي الْبَيْتِ. فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَمَا عَرَفْنَاهُ إلّا بِبَيَاضِهِ كَأَنّهُ قُطْنَةٌ [ (٥) ] مُلْقَاةٌ، فَعَلَوْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا فَصَاحَتْ امْرَأَتُهُ، فَهَمّ بَعْضُنَا أَنْ يَخْرُجَ إلَيْهَا ثُمّ ذَكَرْنَا أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ قَتْلِ النساء. قال:
[ (١) ] فى خمر الناس: أى فى جماعتهم وكثرتهم. (الصحاح، ص ٦٤٩) .[ (٢) ] العجلة: درجة من النخل نحو النقير. (لسان العرب، ج ١٣، ص ٤٥٦) .[ (٣) ] أى سلام بن أبى الحقيق.[ (٤) ] فى ب: «فسكنت شيئا» .[ (٥) ] فى ب: «قبطية» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute