عَدُوّهِمْ. وَقَالُوا: لَمّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ [ (١) ] أَمَرَ بِطَلَبِ عَدُوّهِمْ، فَخَرَجُوا وَبِهِمْ الْجِرَاحَاتُ.
وَفِي قَوْلِهِ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً إلَى قَوْلِهِ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ. فَإِنّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَعَدَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد بَدْرَ الْمَوْعِدِ الصّفْرَاءِ، عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ.
فَقِيلَ لِأَبِي سُفْيَانَ: أَلَا تُوَافِي النّبِيّ؟ فَبَعَثَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيّ إلَى الْمَدِينَةِ يُثَبّطُ الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَ لَهُ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ إنْ هُوَ رَدّهُمْ، وَيَقُولُ إنّهُمْ قَدْ جَمَعُوا جَمُوعًا وَقَدْ جَاءُوكُمْ فِي دَارِكُمْ، لَا تَخْرُجُوا إلَيْهِمْ. حَتّى كَادَ ذَلِكَ يُثَبّطُهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ،
فَبَلَغَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مَعِي أَحَدٌ لَخَرَجْت وَحْدِي.
فَأَنْهَجْتُ [ (٢) ] لَهُمْ بَصَائِرَهُمْ، فَخَرَجُوا بِتِجَارَاتٍ وَكَانَ بَدْرُ مَوْسِمًا. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ فِي التّجَارَةِ، يَقُولُ: ارْبَحُوا، لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ لَمْ يَلْقَوْا قِتَالًا، وَأَقَامُوا ثَمَانِيَةَ أَيّامٍ ثُمّ انْصَرَفُوا. إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ يَقُولُ: الشّيْطَانُ يُخَوّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَمَنْ أَطَاعَهُ. وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً. إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ يَقُولُ: اسْتَحَبّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ. وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ يَقُولُ: مَا يُصِحّ أَبْدَانَهُمْ، وَيَرْزُقُهُمْ وَيُرِيهِمْ الدّوْلَةَ عَلَى عَدُوّهِمْ، يَقُولُ: أُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا كُفْرًا. مَا كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ يَعْنِي مُصَابَ أَهْلِ أُحُدٍ، وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ يَعْنِي يُقَرّبُ مِنْ رُسُلِهِ. وَفِي قَوْلِهِ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
[ (١) ] فى ت: «يوم أحد» .[ (٢) ] نهج الأمر وأنهج إذا وضح. (النهاية، ج ٤، ص ١٨٥) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute