[قال](١): ومات بحلب في جُمادى الآخرة [من هذه السنة](١).
[قال (٢): وحدثني إبراهيم بن محمد القيسي صديق ابن منير، وعنده اختفى في مسجد الوزير، وفي رواية عن ابن عساكر: رأيت بخطِّ صديقه أبي إسحاق إبراهيم بن محمد القيسي، قال: حدَّثني] الخطيبُ السَّديد أبو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماة، [قال](١): رأيتُ أحمدَ بنَ منير بعد موته في النَّوم، وأنا على قُرْنة (٣) بُبْستان مرتفعة، فسألتُه عن حاله، وقلتُ: اصعَدْ إلى عندي. فقال: ما أقدر من رائحتي. قلتُ: تشرب الخمر؟ قال: شَرٌّ من شُرْب الخمر يا خطيب. قلت: وما هو؟ قال: ما جرى على لساني من القصائد التي قُلْتُها في مثالبِ النَّاس، ولساني قد ثَخُنَ منها وطال، فصار مَدَّ البصر، وكلَّما قرأتُ منها قصيدةً صارت كُلَّابًا يتعلَّق في لساني.
[قال](١): ورأيتُه حافيًا عليه ثيابٌ رَثَّة إلى غايةٍ، وسمعتُ قارئًا يقرأ من فوقه ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ﴾ [الزمر: ١٦] فانتبهتُ مَرْعوبًا (٤).
[وذكره العماد في "الخريدة"، وقال: كان شاعرًا مجيدًا، هجَّاء، معارِضًا لمحمد بن القَيْسراني في زمانه، وكان ابن القيسراني سُنِّيًا متورِّعًا، وابن منير متغاليًا شيعيًّا إلا أنه قال: مات ابن منير في سنة خمسين وخمس مئة (٥).
قلتُ: وَهِمَ، والصَّحيح ما ذكره ابنُ عساكر وابن القلانسي أن ابن القيسراني مات في سنة [ثمانٍ و (٦)] أربعين وخمس مئة. قال ابنُ القلانسي (٧): كلاهما ماتا في سنة ثمانٍ وأربعين وخمس مئة] (١).
وكان شيعيًّا متغاليًا، وهجا بني الصُّوفي، فطلبوه، فانتقل إلى شَيْزر، واستجار ببني مُنْقِذ، والتجأ إلى نور الدِّين، وكان غيرَ مجيدٍ في المديح، ومن شِعْره:[من المنسرح]
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٢) في (ع) و (ح): ومات بحلب في جمادى الآخرة، وقال الخطيب السديد .. والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٣) القرنة: الزاوية. ولعله يريد القَرْن: وهي صدر رابية مشرفة على وهدة صغيرة، انظر "معجم متن اللغة": ٤/ ٥٥٠. (٤) انظر "تاريخ ابن عساكر": ٢/ ٢٥٢. (٥) "الخريدة" قسم شعراء الشام: ١/ ٧٦. (٦) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا يقتضيها السياق. (٧) "ذيل تاريخ دمشق": ٤٩٨.