خَلِّهِ تُنْضِ ليلَهُ الأَنْضاءُ … فعساه يشفي جَوَاهُ الخواءُ
فقدِ استَنْجَدَتْ حَيَاهُ رُبى نَجْـ … ـدٍ وشامَتْ بُروقَهُ شَمَّاءُ
وَثَنَتْ نحوه الثَّنِيَّةُ قَلْبًا … قُلَّبًا تستخِفُّه الأَهْواءُ
عاطفاتٍ إليه أعطافَها شو … قًا كما تَلْفِتُ الطِّلى الأَطْلاءُ
دِمَنٌ دامَ لي بها اللَّهو حينًا … وصفا لي فيها الهوى والهواءُ
وأَسَرْتُ السَّرَّاءَ فيها بقلبٍ … أَسَرَتْه مِنْ بعدها الضَّراءُ
فَسَقَتْ عَهْدَها العِهادُ وَرَوَّتْ … منه تلكَ النَّواديَ الأَنْداءُ
وَأَرَبَّتْ على الرُّبى من ثَرَاها … ثَرَّةٌ للرِّياضِ منها ثَرَاءُ
زَمَنٌ كان لي على الهَمِّ هَمٌّ … بالتَّصابي وبالغواني غَنَاءُ
في رياضٍ راضَت خِلال جلال الدِّ … ينِ أَرْواحُهُنَّ والصَّهْباءُ
شِيَمٌ شامها النَّسيمُ فَرَقَّتْ … وَجَفَتْ عن سموِّها الأَسْماءُ
شابَ بالعُرْفِ عَرْفَهُنَّ وقِدْمًا … خامَرَ الخمرَ في الزُّجاجةِ ماءُ
مَلِكٌ خاطَبَ الملوكَ برَمْزٍ … خَطَبَتْ عن خُطَّابِهِ الخُطَباءُ
أَلْمَعِيٌّ لو شامَ لامعَ أمرٍ … لأَرَتْهُ غيوبَهُ الآراءُ
لك من وَجهِهِ وكَفَّيه ماءا … ن فهذا حَيًّا وذاك حَيَاءُ
رَوَّضَ الرَّوْضَ والنَّديَّ نَدَاه … فاعْتَفَتْه الأَحياءُ والأَحياءُ (١)
بيدٍ أَيَّدَتْ من الدَّهْر ما انآ … دَ وكانتْ لها اليدُ البيضاءُ
ويراعٍ راعَ الذَّوابِلَ بَأْسًا … ورَعى المجدَ حين قَلَّ الرِّعاءُ
كلَّما صَلَّ (٢) صال منهُ بصِلٍّ … لا يُرى للرُّقى إليه ارْتقاءُ
وإذا ماجَ ثُمَّ مَجَّ لُعابًا … كان منه الشِّفاءُ والإشقاءُ
فعليهِ للسَّائلين صِلاتٌ … ولديهِ للصَّائلين صِلاءُ (٣)
قد أصابوا لديه صَوْبًا وصابًا … فيهما راحةٌ لهم وشقاءُ
(١) النديَّ: النادي، اعتفته: طلبت معروفه. الأحياء: النَّاس والحيوان. والأحياء -الثَّانية- أحياء العرب.
(٢) في (ع) و (خ): صال، والمثبت من "الخريدة"، وصلَّ: صات، والصِلُّ: الحية من أخبث الحيات.
(٣) الصَّلاء: النار، الوقود.