يشكون (١) أنّك قد نَسَخْتَ فِعَالهم … حتى تُنوسِيَ ما تقدَّمَ منهمُ
فَتَكَ الرَّشيدُ بهمْ فَخَلَّدَ ذِكْرَهُمْ … ومَحَوْتَه مَحْوًا فهمْ لكَ أَلْوَمُ
فارْفِقْ بهمْ واسْتَبْقِ بعضَ ثنائهمْ … كَرَمًا فقد دانوا بأنَّك أَكْرَمُ (٢)
وقال: [من الطويل]
أجيرتَنا بالجِزْع كيف خَلصتُمُ … نَجِيًّا وأَخْفَيْتُمْ مسيرَكُمُ عنِّي
لقد سمعتْ أُذنْايَ نجوى فِراقِكُمْ … فلا أَبْصرتْ عينايَ ما سَمِعَتْ أُذْني (٣)
وقال: [من الطويل]
هَنَاك الكَرَى يا راقدَ اللَّيلِ إنَّني … أَلِفْتُ سُهادًا لذَّ لي وهَناني
طَرَدْتُ سَوامَ النَّومِ عنِّي تَشَوُّقًا … لخَفْقَةِ بَرْقٍ بالعُذَيْبِ يماني
ضَمِنْتُ لصَّحْبي الصبرَ عنهمْ وقد أَبَتْ … ضمانةُ قلبي أَنْ تفي بضماني
فيا صاحبي سِرِّي وجَهرِيَ أَسْعِدا (٤) … فلمْ يبقَ منِّي غيرَ ما تَرَيانِ
خُذا خَبَرِي عن نار قلبيَ واسألا … تَحَلُّبَ شاني (٥) عن تقلُّبِ شاني
فإنْ قُلْتما والقَولُ ما تريانِهِ … تداوَ بصبرٍ فاذْهَبا ودَعَاني
هو النُّصحُ إلا أنَّه غيرُ نافعٍ … إذا لم يكن لي بالسُّلُوِّ يدانِ (٦)
وقال يتشوق إلى جَيٍّ؛ مكان بأصبهان: [من البسيط]
يا حاديَ الظَّعْنِ (٧) رِفْقًا إنَّك الجاني … قَتْلي إذا زِلْتَ عن جَيٍّ بأَظْعانِ
بالله رِفْقًا بقلبي لا يَمُتْ كَمَدًا … وبالهوى لا يَبُحْ ما بينَ خِلَّاني
ويا نسيمَ الصَّبا في الطِّيْب مُنْغمسًا … أنفاسُهُ ونسيْمُ المِسكِ والبانِ
(١) في (ع) و (ب): يشكوك، والمثبت من "الديوان".
(٢) "ديوانه": ٣٤٠.
(٣) "ديوانه": ٣٩٠ - ٣٩٢.
(٤) من الإسعاد: المعونة، وساعده مساعدة وسعادًا وأسعده: أعانه، ومنه إسعاد النساء في المناحات؛ تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة. "اللسان". (سعد).
(٥) تحلبت عينه: سال دمعها، والشأن: مجرى الدمع إلى العين. "معجم متن اللغة": ٢/ ١٤٢، ٣/ ٢٦٣.
(٦) "ديوانه": ٣٩٢ - ٣٩٣.
(٧) في (م) و (ش): العيس.