[قلت: رحمةُ الله على الزياديّ، لو كان في زماننا هذا وبعثَ ستَّ رقاع إلى ست من الأعيان ما رجع مع كلِّ رقعةٍ ولا درهم].
وقد زعم بعضُ الناس أنه من ولد زياد بن أبيه. وليس كذلك، وإنما تزوج أحد أجداده أمَّ ولدِ زياد، فقيل له: الزيادي (٢).
وتاريخُه حسنٌ، جمعَ فيه طُرفًا من أخبار الناس، وكان يقول: لم يُستَعَنْ على الكَذَّابين بمثل التاريخ، [يُقالُ للشيخ، كم سنُّك، وفي أيِّ سنةٍ ولدت؟ فإذا أقرَّ بمولدٍ عرفنا صِدقه من كذبه (٣). قال أبو حسان:] فأنا أعملُ في التاريخ منذ ستين سنة.
وقال الخطيب: رَأى ربَّ العزة في المنام، فقال له الحربيُّ: بلغني أنَّك رأيتَ ربَّ العزَّة في المنام، فقال: نعم، رأيتُ نورًا عظيمًا لا أقدرُ أن أصفه، ورأيتُ [فيه] شخصًا يُخَيَّلُ لي أنه رسولُ الله ﷺ، وكان يشفع في أمته، وسمعت قائلًا يقول: ألم يَكفك أنِّي أنزلتُ عليك في سورة الرعد: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الآية: ٦] ثم انتبهت (٤).
[ذكر قصته مع الخراساني:
قال الخطيب وإسناده عن أبي سهل الرازي قال:] (٥) حدثني أبو حسان الزياديّ قال: أضقتُ إضاقةً شديدةً حتى ألحَّ عليَّ القصَّابُ والخبَّازُ والبقالُ وسائر المعاملين، فبينا أنا ذاتَ يومٍ مفكِّر في حالي، إذ دخلَ الغلام فقال: حاجي من أهل خراسان على الباب يستأذنُ عليك، فأذنتُ له، [فدخل] فسلَّم وقال: أنا رجلٌ غريبٌ أريدُ الحجَّ، ومعي عشرةُ آلاف درهم، وأريدُ أن أودعَها عندك إلى أن أحجّ وأعود، فقلت: نعم،
(١) لم أقف عليها. (٢) ذكره أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب بغداد، كما ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢/ ٤٦١ (مخطوط)، وانظر معجم الأدباء ٩/ ٢٤. (٣) قائل هذا الكلام هو حسان بن زياد، كما في تاريخ بغداد ٨/ ٣٤٠ - ٣٤١، وما بين حاصرتين من (ب). (٤) تاريخ بغداد ٨/ ٣٤٢. (٥) في (خ) و (ف): وقال أبو سهل الرازي. وما بين حاصرتين من (ب).