الشيء المعروف معناهُ وإن تُرِكَ الجواب قَالَ الشَّاعِر «١» :
فأقسمُ لو شَيْء أتانا رَسولُه ... سِوَاك ولكن لَمْ نجد لك مَدْفَعا
وقال الله- تبارك وتعالى وهو أصدق من قول الشاعر-: (وَلَوْ أَنَّ «٢» قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) فلم يؤت «٣» لَهُ بِجوابٍ والله أعلم. وقد يفسره بعض النحويين يعني أن جوابه «٤» : (وَهُمْ يكفرون ولو أنّ قرآنا) والأوَّل أشبه بالصواب. ومثله:(وَلَوْ تَرى «٥» إِذِ الْمُجْرِمُونَ)(وَلَوْ يَرَى «٦» الَّذِينَ ظَلَمُوا) وقوله فِي الزمر: (أَمَّنْ «٧» هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) ولم يؤت لَهُ بِجواب. وكفى «٨» قوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) من ذَلِكَ. فهذا مما تُركَ جوابه، وكفى منه ما بعده، كذلك قَالَ فِي هود:(مَثَلُ «٩» الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا) ولم يقل: هَلْ يستوون. وَذَلِكَ أن الأعمى والأصمَّ من صفة واحد والبصير والسميع من صفة واحدٍ كقول القائل: مررتُ بالعاقل واللبيب وهو يعني واحدًا. وقال الشاعر «١٠» :
وما أدْرِي إِذَا يمَّمْتُ وجهًا ... أريدُ الخير أيُّهما يليني
أألخير الَّذِي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي لا يأتلينى
(١) أي امرؤ القيس. يريد: لو شىء أتانا رسوله سواك دفعناه بدليل قوله: ولكن لم نجد لك مدفعا. وفي الديوان ٢٤٢: «أجدك لو شىء ... » (٢) الآية ٣١ سورة الرعد. (٣) أي أن الجواب محذوف. وهو (لكان هذا القرآن) . (٤) هذا على أن جواب الشرط قد يتقدم وهو مذهب كوفى. وعند غيرهم أنه دليل الجواب. (٥) الآية ١٢ سورة السجدة. والجواب محذوف تقديره: لرأيت أمرا فظيعا. (٦) الآية ٩٣ سورة الأنعام والجواب محذوف تقديره: لرأيت أمرا عظيما. (٧) الآية ٩ سورة الزمر. (٨) فالجواب تقديره: كالعاصى. والمراد نفى استوائهما كما نفى استواء الذين يعلمون والذين لا يعلمون. (٩) فى الآية ٢٤ [.....] (١٠) انظر ص ٢٣١ من الجزء الأول من هذا الكتاب.