في هذه الآية المُجْمَلَ الذي في قوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [الشورى:
٥] لأَنَّ الملائِكَةَ لا تستغفرُ لكافرٍ، وقد يجوز أن يُقَال: إنَّ استغفارَهم لهمُ بمعنى طَلَبِ هدايتِهم، وبلغني أنَّ رجُلاً قال لبعض الصالحين: ادع لي، واستغفر لي، فقالَ لَهُ: تُبْ، واتبع سَبِيلَ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وتلا هذه الآيَةَ، وقال مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ:
وَجَدْنَا أَنْصَحَ الْعِبَادِ لِلْعِبَادِ المَلاَئِكَةَ، وأغَشَّ العِبَادِ لِلْعِبَادِ الشَّياطِينَ «١» ، وتلا هذه الآية، وروى جابر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: أذن لي أن أحدث عن ملك مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وعاتقه مسيرة سبعمائة سنة «٢» ، قال الداوديّ: وعن هارونَ بْنِ ريابٍ قال:
وروى أبو داودَ عن جَابِرِ بن عبدِ الله، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:«أذن لي أن أحدث عن ملك مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، إنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلَى عَاتِقِهِ [مَسِيرَةَ] سَبْعِمَائَةِ عَامٍ»«٣» ، انتهى، وقد تقدَّم.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ٤٣) برقم: (٣٠٢٨٤) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٩٣) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٤٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٧٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٤٩) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير. (٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٤٥) كتاب «السنة» باب: في الجهمية والمعتزلة (٤٧٢٧) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٠/ ١٩٤- ١٩٥) (٥٣٣٤) . وقال أبو نعيم في «الحلية» (٣/ ١٥٨) : غريب من حديث محمّد عن ابن عبّاس، لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، وحديث جابر قد رواه عن محمّد غيره. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» : رواه الطبراني في «الأوسط» ورجاله رجال «الصحيح» . (٣) ينظر: المصدر السابق. (٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ٤٢) برقم: (٣٠٢٨٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٩٣) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٤٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٧٢) .