وقوله: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ ... الآية/ قوله: مِنْهُمْ يؤيِّد أن المعذِّرين كانوا مؤمنين، فتأمَّله، قال ابنُ إِسحاق: المعذِّرون: نَفَرٌ من بني غِفَارٍ وهذا يقتضي أنهم مؤمنون.
ليس على أهل الأعذار مِنْ ضَعْف بدنٍ أو مرضٍ أو عدمِ نفقةٍ إِثمٌ والحَرَجُ: الإِثم.
وقوله: إِذا نَصَحُوا: يريد: بنيَّاتهم وأقوالهم سرًّا وجهراً، مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ: أي: من لائمةٍ تناطُ بِهِمْ، ثم أكَّد الرجاءَ بقوله سبحانه: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وقرأ ابنُ عبَّاس «١» : «وَاللَّهُ لأَهْلِ الإِسَاءَة غَفُورٌ رَحِيم» ، وهذا على جهة التفسيرِ أشبهُ منه على جهةِ التلاوة لخلافه المصحف، واختلف في من المرادُ بقوله: الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ: فقالتْ فرقة: نَزلَتْ في بَنِي مُقَرِّنٍ: ستَّة إِخوة، وليس في الصحابة ستَّة إِخوة غيرهم، وقيل: كانوا سبعةً.
وقيل: نزلَتْ في عائِذِ بْنِ عمرو المُزَنيِّ قاله قتادة «٢» ، وقيل: في عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَعْقِلٍ المزَنِّي «٣» . قاله ابن عباس «٤» .
وقوله عَزَّ وجلَّ: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ هذه الآيةُ نزلَتْ في البَكَّائين، واختلف في تعيينهم، فقيل: في أبي موسَى الأشعريِّ وَرَهْطِهِ، وقيل: في بني مُقَرِّنٍ وعلى هذا جمهور المفسِّرين، وقيل: نزلَتْ في سبعة نَفَرٍ من بطونٍ شتَّى، فهم
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٧٠) ، و «البحر المحيط» (٥/ ٨٨) . (٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦/ ٤٤٥) برقم: (١٧٠٩٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٧٨) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. (٣) عبد الله بن معقل بن مقرن، أبو الوليد المزني، قال ابن حجر في «الإصابة» : ذكره ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب» ولم يذكر مستندا لذكره في الصحابة، وقد قال ابن قتيبة: ليست له صحبة ولا إدراك، وذكره في التابعين ابن سعد، والعجلي، والبخاري، وابن حبان وغيرهم، وله رواية عند أبي داود في «المراسيل» ، وقال بعده: ابن معقل لم يدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال العجلي: تابعي ثقة من خيار التابعين. توفي سنة ٨٨ تقريبا. ينظر ترجمته في «الإصابة» (٥/ ١٤٤) ، «الثقات» (٥/ ٣٥) ، «بقي بن مخلد» (٦٤٤) ، «الجرح والتعديل» (٥/ ١٦٩) ، «تقريب التهذيب» (١/ ٤٥٣) ، «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٢٠٦) . (٤) أخرجه الطبري (٦/ ٤٤٥) برقم: (١٧٠٩٤) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٧٠) .