﴿قوله تعالى: ﴿خافِضَةٌ رافِعَةٌ﴾ [٣] قال: يعني القيامة تخفض أقواما بالدعاوى، وترفع أقواما بالحقائق.
قوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً﴾ [٧] قال: يعني فرقا ثلاثة. ﴿فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ [٨] يعني الذين يعطون الكتاب بأيمانهم. ﴿وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ﴾ [٩] يعني الذين يعطون الكتاب بشمائلهم. ﴿وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ﴾ [١٠] قال هم الذين سبق لهم من الله الاختيار والولاية قبل كونهم. ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ [١١] في منازل القرب وروح الأنس، وهم الذين سبقوا في الدنيا، فسبق الأنبياء إلى الإيمان بالله، وسبق الصديقون والشهداء من الصحابة وغيرهم إلى الإيمان بالأنبياء.
قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ [١٣، ٣٩] قال: يعني فرقة من الأولين وهم أهل المعرفة.
﴿وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ [٤٠] وهم الذين آمنوا بمحمد ﷺ وبجميع الرسل والكتب.
قوله تعالى: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً﴾ [٢٥] قال: ما ذاك بمشهد لغو ولا مكان إثم، لأنه محل قدّس بالأنوار للمقدسين من العباد، وقد ظهر منهم وعليهم ما يصلح لذلك المقام.
قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ [٨٣] يعني نفسه بلغت الحلقوم، وهو متحير لا يدري ما يصير أمره، كما حكي عن مسروق بن الأجدع (١) أنه بكى حين حضرته الوفاة، فاشتد بكاؤه، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: وكيف لا أبكي، وإنما هي ساعة، ثم لا أدري إلى أين يسلك بي (٢).
﴿فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [٨٨] يعني الأنبياء والشهداء والصالحين بعضهم أفضل درجة من بعض، منازلهم في القرب على مقدار قرب قلوبهم من المعرفة بالله تعالى. ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ﴾ [٨٩] في الجنة. وقال أبو العالية (٣) في هذه الآية: لم يكن الرجل منهم يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تفيض روحه فيها (٤). ﴿وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ﴾ [٩٠] قال: يعني الموحدين العاقبة لهم لأنهم أمناء الله قد أدوا الأمانة، يعني أمره ونهيه والتابعين بإحسان لم يحدثوا شيئا من المعاصي والزلات، فأمنوا الخوف والهول الذي ينال.
والله ﷾ أعلم.
(١) مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني الوادعي الكوفي (١ - ٦٣ هـ): تابعي، ثقة، من عباد أهل الكوفة. شلت يده يوم القادسية. (تهذيب التهذيب ١٠/ ١٠٠). (٢) صفوة الصفوة ٣/ ٢٦. (٣) أبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي البصري ( … - ٩٠ هـ): أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي ﷺ بسنتين. تابعي ثقة، من كبار التابعين. لم يكن أحد بعد الصحابة أعلم بالقراءة منه. (تهذيب التهذيب ٣/ ٢٤٦). (٤) تفسير ابن كثير ٤/ ٣٢٢.