﴿قوله: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً﴾ [٤٤] قال: حكي عن ابن عباس ﵁ أنه قال:
كان موسى ﵇ إذا دخل على فرعون قال له: يا أبا مصعب قل لا إله إلا الله وإني رسول الله. قال سهل: إن الله تعالى ألبس موسى ﵇ لبسة المتأوبين، ونفى عنه عجلة المتهجمين لما رآه من الفضل والتمكين، ولم يرد به إيمانا، إذ لو أراد لقال: لعله يؤمن، وإنما أراد الحق ﷿ بذلك ملاطفة موسى ﵇ بأجمل الخطاب وألين الكلام، لأن ذلك محرك لقلوب الخلائق أجمعين، كما قال النبي ﷺ:«جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها»(١)، ليقطع به حجته، ويرغب من علم الله هدايته من السحرة وغيرهم.
قوله تعالى: ﴿قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى﴾ [٤٦] قال: أخبر الله أنه معهما بالنظر، مشاهد لكل حال هما عليه بالقوة والمعونة والتأييد، لا تخافا إبلاغ الرسالة بحال.
قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْها﴾ [البقرة: ٥٨] قواما ولا تشبعوا منه فتسكروا عن الذكر، فإن السكر حرام. وقال: من جوّع نفسه انتقص بقدر ذلك دمه، وبقدر ما انتقص من دمه بالجوع انقطعت الوسوسة من القلب، ولو أن مجنونا جوّع نفسه لصار صحيحا. وقال النبي ﷺ:
«ما من وعاء أبغض إلى الله من بطن ملئ طعاما»(٢).
قوله تعالى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾ [١١١] قال: أي خضعت له بقدر مقامها من المعرفة بالله، وتمكين التوفيق منه.
قوله: ﴿فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى﴾ [١٢٣] قال: هو الاقتداء وملازمة الكتاب والسنة، فلا يضل عن طريق الهدى، ولا يشقى في الآخرة والأولى.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ [١٣١] قال: أي لا تنظر إلى ما يورثك وسوسة الشيطان، ومخالفة الرحمن، وأماني النفس، والسكون إلى مألوفات الطبع، فإن كل واحد منها مما يقطع عن ذكر الله ﷿.
والله ﷾ أعلم.
(١) نوادر الأصول ١/ ١٤٩؛ وكشف الخفاء ١/ ٣٩٥؛ ومسند الشهاب ١/ ٣٥٠. (٢) في المستدرك على الصحيحين ٤/ ٣٧٦، رقم ٧٩٤٥؛ والسنن الكبرى ٤/ ١٧٧، رقم ٦٧٦٨؛ وكشف الخفاء ٢/ ٢٦٠: (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه … ).