لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ" ١.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تَوَجَّه مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَيُقَالُ: فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ رَاجِلٍ، وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ: سِيرُوا عَلَى أَخْذِ أعطياتكم، وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ لِيَزِيدَ: وَجَّهَنِي أكْفِكَ، قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا هَذَا، وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُهُمْ بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةً، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَشِيرَتِكَ وَأَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعُوا إلى طَاعَتِكَ، أَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، يَا مُسْلِمُ إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ ولَمْ تُصَدَّ عَنْهَا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَلَا تَعْرِضَنَّ لِأَحدٍ، وَامْضِ إلى الْمُلْحِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ صَدُّوكَ عَنِ الْمَدِينَةِ فَادْعُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، فَسَتَجِدُهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ مَرْضَى، وَآخِرَهُ صُبْرًا، سُيُوفُهُمْ أَبْطَحِيَّةٌ، فَإِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَجَرِّدِ السَّيْفَ وَاقْتُلِ الْمُقْبِلَ وَالْمُدْبِرَ، وَأَجْهِزْ عَلَى الْجَرِيحِ وانهبها ثَلَاثًا، وَاسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشَاوِرْ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرَ، وَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَوَلِّهِ الْجَيْشَ٢.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَرَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَادَ يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَقَدْ قُتِلَ ابْنَا زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَتَيْتُ بِهِمَا فَوَضَعْتُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ عَلَيَّ فِيكُمَا لَعَظِيمَةٌ، وَهِيَ فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا- أَعْظَمُ مِنْهَا فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى الْآخَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا هَذَا فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، فَدُخِلَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، فَأَنَا أَرْجُو بِهِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: نهب مسرف بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا، وَافْتَضَّ فِيهَا أَلْفَ عَذْرَاءَ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ
١ حديث صحيح: أخرجه مسلم "١٨٥١"، وأحمد "٢/ ٧٠، ١٢٣، ١٣٣"، وابن أبي عاصم "٢/ ٥١٢" في السنة.٢ إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute