اللَّمَم وهو المسُّ من الجنونِ، وألمَّ بالمكان قلَّ لبْثه فيه، وألمَّ بالطَّعام قلَّ أكلُه منه، وقال أبو العبَّاس: أصلُ اللَّمم أن يلمَّ بالشَّيء من غير أن يرتكبَهُ، يقال: ألمَّ بكذا إذا قاربَهُ ولم يخالطْهُ، وقال جرير:
و «اللَّمم»: صغَارُ الذُّنوب، أي: مَا رأيْتُ شيئًا أشبه بصغائر الذُّنوب (مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ)﵁(عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه قالَ: (إِنَّ اللهَ)﷿(كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ) نصيبه (مِنَ الزِّنَا) بالقصرِ، و «مِن» بيانيَّة (أَدْرَكَ) أصاب (ذَلِكَ) المكتوب عليه (لَا مَحَالَةَ) بفتح الميم والحاء المهملة، لا بدَّ له منه؛ لأنَّ ما كتبَهُ الله لا بدَّ أنَّ يقعَ، و «كتب» يحتملُ أنْ يرادَ به أثبتَ، أي: أثبتَ فيه الشَّهوة والميلَ إلى النِّساء، وخلق فيه العينين والأذن (١) والقلب، وهي الَّتي (٢) تجدُ لذَّة الزِّنا، ويحتملُ أن يرادَ به قَدَّر، أي: قدَّر في الأزلِ أن يجرِي على ابنِ آدم الزِّنا، فإذا (٣) قُدِّر في الأزلِ أدرك ذلك لا محالةَ (فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ) أي: إلى ما لا يحلُّ للنَّاظر (وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ) بميم مفتوحة فنون ساكنة فطاء مهملة مكسورة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ:«النطق» بلا ميم وضم النون وسكون الطاء. وقال ابنُ مسعودٍ:«العينان تزنيانِ بالنَّظر، والشَّفتان تزنيانِ وزناهُما التَّقبيلُ، واليدانِ تزنيانِ وزناهما اللَّمسُ، والرَّجلان تزنيانِ وزناهما المشيُ»(وَالنَّفْسُ تَمَنَّى) فعل مضارعٌ، أصله: تتمنَّى، حذفتْ منه (٤) إحدى التَّاءين (وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ) النَّظر، والتَّمني بأن يقع في الزِّنا بالوطء (وَيُكَذِّبُهُ) بأن يمتنعَ من ذلك خوفًا من ربِّه تعالى، ولأبي ذرٍّ:«أو يكذِّبه» وسمَّى ما ذكر من نظر العين وغيرِه زنًا؛ لأنَّها مقدِّمات له مُؤذنةٌ بوقوعهِ، ونسبَ التَّصديق أو التَّكذيب (٥) للفرجِ؛ لأنَّه منشؤهُ ومكانهُ.
(١) في (د): «الأذنين والعينين». (٢) في (د): «الذي». (٣) في (د): «فإن». (٤) «منه»: ليست في (د). (٥) في (د): «والتكذيب».