فيه ولا يُنْقَصُ منه. قال: لأنَّه قال: ﴿الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ (١)، ولم يقلْ: قولي، وهذا كما يُقالُ: لا يُكْذَبُ عندي.
فعلى القول الأول يكونُ قولُه: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)﴾ [ق: ٢٩] من تمام قولِهِ: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ في المعنى؛ أي: ما قلتُهُ ووَعدتُ به لا بدَّ من فعِلِه، ومع هذا فهو عدلٌ لا ظلمَ فيه ولا جَوْرَ. وعلى الثاني يكونُ قد وَصَفَ نفسَه بأمرينِ: أحدُهما: أنَّ كمال علمِهِ واطلاعِهِ يَمنع من تبديل القول بين يديْهِ وترويج الباطل عليه. و [الثاني: أنَّ](٢) كمال عدلِهِ وغناه يَمنعُ من ظلمِهِ لعَبيدِهِ.
ثم أخبرَ عن سَعَةِ جهنَّمَ، وأنها كلَّما أُلْقِيَ فيها ﴿تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)﴾ [ق: ٣٠]، وأخطأ من قال: إن ذلك للنفي؛ أي: ليس فيَّ (٣) مزيدٌ. والحديثُ الصحيحُ يَرُدُّ هذا التأويل (٤).
ثم أخبر عن تقريب الجنَّة من المتَّقينَ، وأنَّ أهلَها هم الذين اتَّصفوا بهذه الصفاتِ الأربع:
إحداها (٥): أن يكون أوَّابًا؛ أي: رَجَّاعًا إلى الله؛ من معصيتِهِ إلى طاعتِهِ، ومن الغفلةِ عنه إلى ذِكْرِهِ. قال عبيدُ بن عُميرٍ: الأوَّابُ: الذي
(١) الأصل: "عندي". (٢) زيادة على الأصل. (٣) ط: "من". (٤) يشير إلى ما رواه البخاري (٤٨٤٨) ومسلم (٢٨٤٨) عن أنس مرفوعًا: "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع فيها ربّ العزة ﵎ قدمه، فتقول: قط قط". ونحوه عند البخاري (٤٥٦٨) عن أبي هريرة. (٥) الأصل: "أحدها".