وقال الفرَّاءُ (١): وإذا تُلِي عليهم القرآنُ لم يَقعُدوا على حالهم الأولى؛ كأنَّهم لم يَسمعوه، فذلك الخُرورُ، وسَمعْتُ العرب تقولُ: قَعَدَ يَشتِمُني؛ كقولك:[قامَ] يَشتِمُني، وأقبل يَشتِمُني، والمعنى على ما ذُكِر: لم يَصِيروا عندها صُمًّا وعُميانًا.
وقال الزَّجَّاجُ (٢): المعنى: إذا تُلِيَتْ عليهم خَرُّوا سُجَّدًا وبُكِيًّا سامعين مبصرين لما أُمِروا به.
وقال ابنُ قُتيبة (٣): أي لم يَتغافلوا عنها كأنَّهم صُمٌّ لم يَسمَعُوها وعُمْيٌ لم يَرَوها.
قلتُ: ها هنا أمران: ذِكْرُ الخُرور، وتسليطُ النفي عليه.
وهل هو خُرورُ القلب أو خُرورُ البدنِ للسُّجود؟
وهل المعنى: لم يكن خُرورُهم عن صَمَمٍ وعَمَهٍ؛ فلهُم عليها خرورٌ بالقلب خضوعًا أو بالبدن سُجودًا، أو ليس هناك خرورٌ وعبَّرَ به عن القعود؟
• أصولُ المعاصي كلِّها -كبارها وصغارها- ثلاثةٌ: تعلُّقُ القلبِ بغير الله، وطاعةُ القوة الغضبيَّة، والقوة الشهوانيَّةِ.
وهي: الشركُ، والظلمُ، والفواحشُ.
فغايةُ التعلُّق بغير الله: الشركُ وأن يُدْعى معه إلهٌ آخرُ، وغايةُ طاعة القوَّة الغضبيَّة: القتلُ، وغايةُ طاعة القوَّةِ الشهوانيَّة: الزِّنى.
(١) في معاني القرآن (٢/ ٢٧٤). (٢) في معاني القرآن وإعرابه (٤/ ٧٧). (٣) في تفسير غريب القرآن (ص ٣١٥).