الْخَرْصَ أَنْ يُخَيِّرَهُ كَمَا خَيَّرَ ابْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ؟ قَالَ: أَيْ لَعَمْرِي! وَأَيُّ سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- وَلَا يَكُونُ الْخَرْصُ إِلَّا بَعْدَ الطِّيبِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ ابْنَ رواحة إلى اليهود فيحرص عَلَيْهِمُ النَّخْلَ حِينَ تَطِيبُ أَوَّلُ التَّمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودًا يَأْخُذُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ أَوْ يَدْفَعُونَهَا إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا كَانَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ: وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَرْسَلَهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ- فَإِذَا خَرَصَ الْخَارِصُ فَحُكْمُهُ أَنْ يُسْقِطَ مِنْ خَرْصِهِ مِقْدَارًا مَا، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْبُسْتِيُّ «١» فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ). لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْخَارِصُ يَدَعُ الثُّلُثَ لِلْخُرْفَةِ: وَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ لِهَذَا الْخَبَرِ صِفَتَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ مِنَ الْعُشْرِ، وَالثَّانِي أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ التَّمْرِ قَبْلَ أَنْ يُعْشَرَ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ حَائِطًا كَبِيرًا يَحْتَمِلُهُ. الْخُرْفَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ: مَا يُخْتَرَفُ مِنَ النَّخْلِ حِينَ يُدْرَكُ ثَمَرُهُ، أَيْ يُجْتَنَى. يُقَالُ: التَّمْرُ خُرْفَةُ الصَّائِمٍ، عَنِ الْجَوْهَرِيِّ وَالْهَرَوِيِّ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْخَارِصُ شَيْئًا فِي حِينِ خَرْصِهِ مِنْ تَمْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ إِلَّا خَرَصَهُ. وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ يُخَفَّفُ فِي الْخَرْصِ وَيُتْرَكُ»
لِلْعَرَايَا وَالصِّلَةِ وَنَحْوِهَا. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ- فَإِنْ لَحِقَتِ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ بَعْدَ الْخَرْصِ وَقَبْلَ الْجَذَاذِ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنْهُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةُ أوسق فصاعدا.
(١). في ك، النسائي.(٢). العرايا (واحدة عرية) وهى النخلة يعريها صاحبها رجلا محتاجا. والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute