وأما كون ما لا تتبعه الهمة كالذي مثله المصنف رحمه الله يُملك بأخذه بلا تعريف، فلما روى جابر قال:«رخصَ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في العصا، والسوطِ، والحبلِ، وأشباههِ يلتقطُه الرجلَ ينتفعُ به»(١). رواه أبو داود.
وروي عنه عليه السلام:«أنهُ أصابَ تمرةٍ. فقال: لولا أني أخشَى أن تكونَ صدقةً لأكلتُها»(٢) متفق عليه (٣).
و«أصاب رجل تمرة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لو لمْ تأتِها لأتتْك». ولم ينكر عليه أكلها.
وأما قوله رحمه الله: كالسَّوْط والشِّسْع والرغيف؛ فبيان لصور من صور ما لا تتبعه الهمّة، وتُملك بغير تعريف.
قال:(الثاني: الضوال التي تمتنع من صغار السباع، كالإبل، والبقر، والخيل، والبغال، والظباء، والطير، والفهود، ونحوها: فلا يجوز التقاطها. ومن أخذها ضمنها. فإن دفعها إلى نائب الإمام زال عنه الضمان).
أما كون الإبل لا يجوز التقاطها؛ فلما تقدم من قوله عليه السلام:«دعها فإن معها حذاءها وسقاءها»(٤).
وعن عمر رضي الله عنه:«من أخذَ ضالةً فهوَ ضالّ»(٥).
وأما كون البقر لا يجوز التقاطها، فـ «لأن جرير بن عبدالله طردَ بقرةً لحقتْ بالبقرِ حتى توارتْ. وقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يُؤْوِي الضالّةَ إلا ضَالّ»(٦). والحجة فيه: أنه فَهِم من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم شموله للبقر.
(١) أخرجه أبو داود في سننه (١٧١٧) ٢: ١٣٨ كتاب اللقطة، باب في الشح. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٢٩٩) ٢: ٨٥٧ كتاب في اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق. وأخرجه مسلم في صحيحه (١٠٧١) ٢: ٧٥٢ كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... (٣) في هـ: رواه ابن ماجة. (٤) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة .. (٥) أخرجه مالك في الموطأ (٥٠) ٢: ٥٨١ كتاب الأقضية، باب القضاء في الضوال. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ١٩١ كتاب اللقطة، باب ما يجوز له أخذه وما لا يجوز مما يجده. (٦) أخرجه أبو داود في سننه (١٧٢٠) ٢: ١٣٩ كتاب اللقطة، باب في الشح. وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٥٠٣) ٢: ٨٣٦ كتاب اللقطة، باب ضالة الإبل والبقر والغنم. وأخرجه أحمد في مسنده (١٩١٦٩) ٤: ٣٦٢.