القول الثاني: إذا ارتضع اثنان من لبن بهيمة صارا أخوين.
وهو محكي عن بعض السلف (١)، واستنكره ابن قدامة (٢).
- الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
١ - إنه لا جزئية بين الآدمي والبهائم. (٣)
٢ - إنما هذا كالطعام والشراب. (٤)
٣ - إنما يحرم لبن الآدميات لا البهائم؛ لقول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: ٢٣]، وقال في الرضاعة: {فِإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوْهُنَّ أُجُوْرَهُنَّ} [سورة الطلاق: ٦]، وقال عز ذكره: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: ٢٣٣]. (٥)
٤ - إن هذا لا يتعلق به تحريم الأمومة؛ فلا يثبت به تحريم الأخوة؛ لأن الأخوة فرع على الأمومة وأولى بعد الثبوت، وكذلك لا يتعلق به تحريم الأبوة؛ لذلك. (٦)
٥ - إن هذا اللبن لم يخلق لغذاء المولود؛ فلم يتعلق به التحريم، كسائر الطعام. (٧)
- الترجيح: الراجح أنه لا يتعلق بلبن البهيمة تحريم؛ لأن الرضاع المحرِّم في الشريعة يحرِّم ما يحرمه النسب، ولا نسب بين الآدميين والبهائم، وهذا ما بات محل اتفاق بين الفقهاء (٨).
- ثمرة الخلاف: يترتب على هذه المسألة أثر في فروع، منها:
١ - إذا شرب صغيران حليبًا مصنَّعًا من حليب البقر؛ لم تثبت بينهما أخوة. (٩)
٢ - لو شرب غلام وجارية لبن بهيمة؛ من شاة، أو بقرة، أو ناقة، أو فرس؛ لم يكن هذا رضاعًا، ولم يصيرا أخوين. (١٠)
(١) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٣). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٥).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٣).
(٣) ينظر: الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٨٦).
(٤) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧١).
(٥) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧١ - ٧٢).
(٦) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٣). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٥). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).
(٧) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٣). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٥ - ٢٢٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).
(٨) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧٩). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٥). الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧١).
(٩) رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء: فتاوى اللجنة الدائمة (٢١/ ١٨)، برقم (٣٠٨٥).
(١٠) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧١). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢٣).