وقوله:«مَنْ حَازَ دُونَهُمُ أُخُوَّةَ أَحْمَدِ» يعني: أُخُوَّةَ النبيِّ ﷺ، والمؤمنونَ كلُّهُم إِخوة، وأصحابُ النبيِّ ﷺ هم إِخوَتُه وأصحابُهُ، ولكن مَنْ قال له الرسول ﷺ:«أَنْتَ أَخِي» فله في هذه الإضافة فضيلةٌ على غيرِه، كما قال ﷾ في شأنِ أبي بكرٍ ﵁ يومَ كان مع النبي ﷺ في الغار: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ﴾ [التوبة: ٤٠]، فنصَّ ﷾ على أنَّ أبا بكرٍ ﵁ صاحبٌ للنبي ﷺ، مع أنَّ صفَةَ «الصُّحْبَة» مشتَرَكةٌ بين عمومِ الصَّحَابةِ ﵃، لكن خُصَّ أبا بكرٍ ﵁ بالنصِّ عليه من الله ﷿ ومن النبي ﷺ بأنه صاحبُه، وقد قال فيه النبي ﷺ:«هل أنتم تَارِكُوا لي صَاحِبِي»(١)، وهكذا عليٌّ ﵁ جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذيُّ وقال عنه:(حسنٌ غريبٌ) أنَّ النبيَّ ﷺ قال له: «أنت أخي في الدُّنيا والآخِرَة»(٢)، لكن الحديث ضعَّفه أهلُ العلم، ومنهم: شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة في «منهاج السنة»، والحافظُ العراقيُّ في «تخريج أحاديث الإحياء» وغيرُهما، بل قال شيخ الإسلام: (أحاديثُ المؤاخَاة لعليٍّ ﵁ كلُّها موضوعة، والنبيُّ ﷺ لم يؤاخِ
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٣٤٦١) و (٤٣٦٤)، من حديث أبي الدرداء ﵁. (٢) أخرجه الترمذي في «جامعه» (٣٧٢٠) من حديث ابن عُمَرَ ﵄ أنه قال: آخَى رسول الله ﷺ بين أَصْحَابِهِ فَجَاءَ عَلِيٌّ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ فقال: يا رَسُولَ اللهِ آخَيْتَ بين أَصْحَابِكَ ولم تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ، فقال له رسول الله ﷺ: «أنت أَخِي في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، قال الترمذي: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قلت: هو حديثٌ ضعيفٌ، في إسناده جُمَيْع بنُ عُمَيْر ضعفه غير واحد، بل رماه بعضهم بالكذب، ولذا قال عنه الذهبي في «الكاشف»: (واهٍ).