فأبو بكر ﵁ أَسْعَدَ النبيَّ ﷺ في هذا اليوم أَيَّمَا إسعادٍ، فقد أَسْعَدَهُ بصحبَتِهِ ومرافقَتِهِ وحمايتِهِ له، حتى إنَّه قد جاء في أخبار الهجرة أنَّ أبا بكر ﵁ كان يمشي مع النبيِّ ﷺ، فتارةً يكون أمامه، وتارةً يكون خلفه، وتارةً عن يمينه، وتارةً عن يساره، فلما سأله النبيُّ ﷺ عن سببِ ذلك، قال: إني أذكر العَدُوَّ من الرَّصَد (١) فأكونُ أمامَك، وأذكر العَدُوَّ من الطَّلَب فأكونُ خلفك، وأخشى أن تُؤتَى من يمينك أو من شمالك (٢)، فهو يدور على النبي ﷺ من أجل حمايته.
(١) يقال: فُلانٌ يَخافُ رَصَداً من قُدَّامِهِ، وطَلَباً من وَرائِهِ، يعني: عَدُوّاً يَرْصُدُهُ ويَرْقُبُهُ. ينظر: «أساس البلاغة» للزمخشري (١/ ٢٣٣). (٢) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٣/ ٧) رقم (٤٢٦٨) - وعنه: البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٤٧٦) - من طريق السري بن يحيى عن محمد بن سيرين مرسلاً، قال الحاكم: (هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ على شرطِ الشيخينِ لولا إرسال فيه، ولم يخرِّجَاه). وأخرج نحوه الإمام أحمد في «فضائل الصحابة» رقم (٢٢) و (١٨٢)، والأزرقي في «أخبار مكة» (٢/ ٢٠٥)، وابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (٣٠/ ٨١) من مرسل ابن أبي مُلَيْكَة.