(غنمًا)، وقالت في حديث آخر في "الصحيحين" قالت: كنت أفتلُ قلائدَ للنَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فيبعث بها -يعني: إلى مكّة-، ثمّ يمكُثُ يعني: النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة حلالًا (١).
واحتج بهذا الإمام أحمد، والشافعي، والجمهور: على أن الغنم تقلد، خلافًا لمالك، وأبي حنيفة، حيث منعاه؛ لأنها تضعف عن التقليد (٢).
قال القاضي عياض: المعروفُ من مقتضى الرواية: أنَّه كان - صلى الله عليه وسلم - يُهدي البُدْنَ، كقوله في بعض الروايات: قَلَّدَ وأشعرَ، وفي بعضها: فلم يَحْرُمْ عليه شيءٌ حتّى نحرَ الهديَ، ولأن ذلك إنما يكون في البُدْن، وإنما الغنمُ في رواية الأسود بن يزيد هذه، ولانفراده بها، نزلت على حذف مضاف، أي: من صوف الغنم، كما قال في أخرى:"من عِهْن"، (٣) والعِهْنُ: الصوفُ، لكن جاء في بعض الروايات حديث الأسود هذا: كنا نقلِّدُ الشَّاة، فهذا يدفع التأويل، انتهى (٤).
قلت: لفظ هذا الحديث كما في "مسلم": عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: كنَّا نقلِّدُ الشاء، فيرسل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث (٥).
وقال الحافظ المنذري: والإعلال بتفرد الأسود عن عائشة ليس بعلة،
(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٦١٦)، ومسلم برقم (١٣٢١/ ٣٦٥). (٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢٢٠). (٣) رواه البخاري (١٦١٨)، كتاب: الحج، باب: القلائد من العهن، ومسلم (١٣٢١/ ٣٦٤)، كتاب: الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه. (٤) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٤٠٧). (٥) رواه مسلم (١٣٢١/ ٣٦٨)، كتاب: الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه.