قريش بمثلِها، فقال:"ذلك لهم ما شاء اللَّه"، كل ذلك يقولون له (١)، فقال لهم -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنكم ستلقَوْنَ بعدي أَثَرَةً).
وفي رواية:"سَتَجدونَ بعدي أثرةً شديدةً"(٢)، وهي -بفتح الهمزة والثاء المثلثة وبضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحتين، ويجوز كسرُ أوّله مع إسكان ثانيه-؛ أي: يُستأثر عليكم بما لَكُم فيه اشتراكٌ في الاستحقاق (٣).
(فاصبروا) على ذلك، ولا تجزعُنَّ، ولا تَنازعوا (حتّى تلقوني) يوم الحشر والنشور في الموقف بين يدي اللَّه -عزَّ وجلَّ- (على الحوض) المورود؛ يعني: الكوثر الذي وعده اللَّه به، فتشربون منه والنّاسُ عطاشٌ.
وفي إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك عَلَم من أعلام النبوة، ودلائل رسالته؛ إذ هو خبر عن مستقبل وقع على وَفْق ما أخبر به -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).
وفي الحديث دلالة على فضائل الأنصار، ومزاياهم على غيرهم، وهم جديرون بكل فضيلة، وحَرِيُّون بكل مَنْقَبة.
وفي "البخاري": أنّ غيلانَ بنَ جرير قال: قلتُ لأنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-: أرأيتم اسمَ الأنصار أكنتم تُسمون به، أم سماكم اللَّه -تعالى وتبارك- به؟ قال: بل سمانا اللَّه -عزَّ وجلَّ- (٥).
(١) رواه البخاري (٢٩٩٢)، كتاب: الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من البحرين، وما وعد من مال البحرين والجزية، ولمن يقسم الفيء والجزية. (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٦٥)، من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-. (٣) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١٨). (٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٩٦). (٥) رواه البخاري (٣٥٦٥)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الأنصار.