والسر في ذلك؛ أن الطاعون وباء عند الأطباء؛ ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانت أوبأ أرض الله، فدعا لها النبي - صلى الله عليه وسلم - فرُفع ذلك بدعائه - صلى الله عليه وسلم - كما في "الصحيح": أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال:"اللهم انقل حمَّاها فاجعلها بالجُحْفة (١) " لأنها كانت دار شِرْك (٢).
* السادس عشر: أنها كانت تأكل القرى -كما في "الصحيحين"، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"أُمرْت لقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي: المدينة"(٣).
وقد تقدَّم معنى تأكل القرى في "الباب التاسع".
* السابع عشر: أنها كالكِير في إزالة الخَبَث عنها؛ لما في "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:"إنما المدينة كالكِير تنفي خَبَثَها وتُبْقي طيِّبها"(٤).
* الثامن عشر: أنَّه لا يدعها أحد رغبة عنها إلَّا أبدل (٥) الله تعالى فيها من هو خير منه - كما ثبت في "الصحيح"(٦).
وفي معناه قولان: أحدهما: أنَّه مخصوص بمدة حياته - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: أنَّه دائم أبدًا.
قال القرطبي: ومعناه: أن الذي يخرج عن المدينة راغبًا عنها - أي: زاهدًا فيها -؛ إنما هو إما جاهل بفضلها وفضل القيام فيها، أو كافر بذلك.
(١) في "ق": "في الجحفة". (٢) "البخاري" (١٨٨٩)، و"مسلم" (١٣٧٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (٣) "البخاري" (١٨٧١)، و"مسلم" (١٣٨٢). (٤) "البخاري" (١٨٨٣)، و"مسلم" (١٠٠٦) من حديث جابر - رضي الله عنه -. (٥) في "ق": "أبدله". (٦) "مسلم" (١٣٨١) من حديث أبي هريرة.