فدلت هذه الآيات على أن العبادة حق للَّه فرضه على عباده، وفي الحديث الشريف: أنّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لمعاذ بن جبل رضي اللَّه عنه:"هل تدري ما حقُّ اللَّه على عباده؟ "(١)، فقال معاذ: اللَّه ورسوله أعلم (٢). فقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حق اللَّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على اللَّه -عزَّ وجلَّ- أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا"(٣).
ثانيًا: ومن أسرار العبادة أنَّها تحقق الانسجام مع حقيقة الوجود وحقيقة المكلف، فكل الوجود قانت للَّه وعابد له بالتسخير، والمكلف من الإنس والجن عابد للَّه بالاختيار، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧ - ٨]، ومن رحمة اللَّه بخلقه أن جعل الفطرة تميل إلى الحق وتريده وتطلبه.
= الشاطبي: الموافقات ٢/ ٢٩، ٣٠، ١١٦، ١٢٨، ١٢٩، ١٤٢، ١٤٥، ١٤٦، ١٤٧، ١٦٢، ١٦٣، ١٦٤ - ١٦٩، تحقيق: عبد اللَّه دراز، ومحمد عبد اللَّه دراز، (مرجع سابق). (١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري ٥/ ٢٢٢٤، كتاب اللباس، باب [٩٩]، رقم الحديث [٥٦٢٢]، تحقيق: مصطفى ديب البغا (مرجع سابق)، وأخرجه مسلم: صحيح مسلم ١/ ٥٨، كتاب الإيمان، باب [١٠] رقم الحديث [٤٨]، [٤٩]، [٥٠]، ٥١]، بألفاظ متقاربة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (مرجع سابق). (٢) جزء من الحديث السابق، المرجع السابق نفسه. (٣) جزء من الحديث السابق: لدى البخاري ومسلم، (المرجع السابق نفسه)، واللفظ (هنا) لمسلم: صحيح مسلم ١/ ٥٨، ٥٩، (المرجع السابق نفسه).