الأولى: طبيعة العقيدة الإسلاميَّة وما امتازت به، فهي عقيدة منفكَّة عن رابطة الدم والعنصر، وأي رابطة أخرى غير التقوى، كما قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣]، وفي الحديث النبوي الشريف جاء قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أيها الناس، إنَّ اللَّه قد أذهب عنكم عُبْيَة (١) الجاهليَّة وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: بر تقي كريم على اللَّه -عز وجل-، وفاجر شقي هين على اللَّه -عز وجل-، والناس بنو آدم، وخلق اللَّه آدم من تراب (٢)، قال اللَّه:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآية".
وفي حديث آخر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل أيَّ الناس أكرم؟ قال:"أكرمهم عند اللَّه أتقاهم"(٣).
وقد أورد ابن كثير جملة من الروايات التي تبين بجلاء أنَّ رابطة الإسلام هي رابطة التقوى عند تفسيره للآية السالفة وقال: (فجميع الناس
= محمد عبد الهادي أبو ريدة، وحسين مؤنس، عن لجنة التأليف والترجمة والنشر، طبعة ١٩٥٨ م، القاهرة، وانظر: محمد أمين حسن: خصائص الدعوة الإسلاميَّة: ص ٢٠٠، ٢٠١، (مرجع سابق). (١) عُبية: على هذا جاء ضبطها لدى الترمذي، وجاء لدى ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ١٦٩: (عُيبة)، وقال في معناها: (يعني الكِبْر)، وانظر: ص ٤٨٦، (البحث نفسه). (٢) رواه الترمذي: الجامع الصحيح ٥/ ٣٦٣، الحديث رقم [٣٢٧٠]، وقال عنه الترمذي: (حديث غريب)، (مرجع سابق)، وانظر: ص ٤٨٦، (البحث نفسه). (٣) أخرجه البخاري: صحيح البخاري ٤/ ١١٩، ١٢٠، كتاب الأنبياء، باب [١٤]، تحقيق: فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).