ففي هذا الحديث ذكر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ اللَّه جمع له الأرض، وأطلعه على مشارقها ومغاربها، وبشَّرَه بأن ملك أمته سيبلغ ما رآه منها، وأنه سيورث هذه الأُمَّة الإسلاميَّة ملك كسرى وقيصر، حيث فسَّر العلماء قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأعطيت الكنزينْ الأحمر والأبيض" بأن المراد بهما الذهب والفضَّة، وفيهما رمز لملك كسرى وملك قيصر (١).
و- وفي قصة إسلام (عدي بن حاتم) أورد ابن إسحاق أنَّ عديًّا قال: (بعث رسول اللَّه، وكنتُ أشد الناس له كراهة -أو من أشد الناس- فلحقت بأقصى أرض العرب، من قبل الروم، وكرهتُ مكاني أشد من كراهتي الأمر الأول، فقلتُ: لآتين هذا الرجل، فلئن كان صادقًا لا يخفى عليَّ، ولئن كان كاذبًا لا يخفى عليَّ -أو لا يضرني، شك محمد- فقدمت المدينة، فاستشرفني الناس، فقالوا: عدي بن حاتم، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:"يا عدي بن حاتم، أسلم تسلم"، فقلت؛ إنَّ في دينًا، فقال:"أنا أعلم بدينك منك"(٢).
ويذكر تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن قال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل أتيت الحيرة؟ " فقلتُ: لا، وقد علمت مكانها، قال:"توشك الظعينة أن تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار، ويوشك أن تفتح كنوز كسرى بن هرمز" فقلت: كنوز كسرى بن هرمز؟ فقال:"كنوز كسرى بن هرمز -مرتين- ويوشك أن يخرج الرجل الصدقة من ماله، فلا يجد من يقبلها" قال: فقد رأيتُ الظعينة تخرج من الحيرة
(١) انظر: محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على الحديث السابق: المرجع السابق نفسه ٤/ ٢٢١٥ (حاشية الصفحة). (٢) سيرة ابن إسحاق: ص ٢٦٧، ٢٦٨، تحقيق: محمد حميد اللَّه، (مرجع سابق).