بعض الروايات أنها قالت:(كانت تنزل علينا الآية في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنحفظ حلالها وحرامها، وأمرها وزجرها، قبل أن نحفظها)(١).
وما ورد عن جندب بن عبد اللَّه وعبد اللَّه بن عمرو وغيرهما أنهم كانوا يقولون:(تعلمنا الإيمان ثُمَّ تعلمنا القرآن فازددنا إيمانًا، وأنتم تتعلمون القرآن ثُمَّ تتعلمون الإيمان)(٢).
والشاهد من هذا ونحوه مِمَّا تضافر عن كثير من الصحابة، وأصبح منهجًا في التربية والتعليم (٣): أنَّ الأُمَّة تربت بالقرآن الكريم وصنعت على عينه تعالى وكان قدوتها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي قال:"أدبني ربي فأحسن تأديبي"(٤)، وكان تنزلُ القرآن منجمًا في ثلاث وعشرين سنة منذ نزول قول اللَّه تعالى:{اقرأ} وحتى نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] الآية، وقوله تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}(٥)[النصر: ١]، وغيرهما، وما بين ذلك من أمر ونهي، وتحريم وتحليل، ودعوة لمكارم الأخلاق، وزجر عن مرذولاتها، وتنظيم لشؤون المجتمع والأسرة
(١) أورده ابن عبد ربه في العقد الفريد (قولهم في حملة القرآن): ٢/ ١٠٣، بتحقيق: مفيد محمد قميحة، طبعة دار الكتب العلمية، ١٤١٧ هـ، بيروت، ولم أجد هذا الأثر عند غيره فيما بحثت فيه من المسانيد والمأثورات، ولكنه يتقوى بما ذكر قبله. (٢) ابن تيمية: المرجع السابق نفسه: ١٣/ ٤٠٣. (٣) انظر: عبد اللَّه بن إبراهيم بن عبد اللَّه الوهيبي: التفسير بالأثر والرأي وأشهر كتب التفسير فيهما، (مقال منشور بمجلة البحوث الإسلامية): ص ٢٠٤ - ٢٠٦، العدد [٧] عن: رجب وشعبان ورمضان وشوال لعام ١٤٠٣ هـ، الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء. . . الرياض. (٤) أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة [٧٢] آداب الزفاف: ص ٣. (٥) لمزيد الاطلاع على آخر ما نزل من القرآن الكريم، انظر: الزركشي: البرهان في علوم القرآن: ١/ ٢٠٩، ٢١٠، (مرجع سابق)، وانظر: مناع القطان: مباحث في علوم القرآن: ص ٦٩ - ٧٤، (مرجع سابق).