أَبِي مُلَيْكَةَ: "أَنَّ عُثْمَانَ ابْتَاعَ مِنْ طَلْحَةَ أَرْضًا بِالْمَدِينَةِ، بِأَرْضٍ لَهُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ نَدِمَ عُثْمَانُ فَقَالَ: "بِعْتُك مَا لَمْ أَرَهُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: إنَّمَا النَّظَرُ لِي، لِأَنَّك بِعْت مَا رَأَيْت، وَأَنَا ابْتَعْت مَغِيبًا، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ حَكَمًا، فَقَضَى عَلَى عُثْمَانَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ، وَأَنَّ النَّظَرَ لِطَلْحَةَ؛ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ مَغِيبًا"١.
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَبَرَ مُعَاذًا"، تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: "هَرَبَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ الْقَضَاءِ"، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: نَا مُسَدَّدٌ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ إلَى الشَّامِ.
قَوْلُهُ: "وَهَرَبَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ".
أَمَّا الثَّوْرِيُّ فروى الخطب فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَظْهَرَ التَّجَانُنَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْبِسَاطَ، وَيَقُولُ: مَا أَحْسَنَ بِسَاطَكُمْ هَذَا، بِكَمْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ: الْبَوْلَ الْبَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ اخْتَفَى، فَقَالَ الشَّاعِرُ: [من الطويل]
تحرز سُفْيَانُ فَفَرَّ بِدِينِهِ ... وَأَمْسَى شَرِيكٌ مُرْصِدًا لِلدَّرَاهِمِ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي الْبَصْرَةِ، دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ: إنَّ سَوَّارًا قَدْ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمِصْرِ مِنْ قَاضٍ، فَاقْبَلْ الْقَضَاءَ، فَقَدْ وَلَّيْتُك قَضَاءَ الْبَصْرَةِ"، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي امْتِنَاعِهِ٢.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْصَى الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِ موته، بأن لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ".
وَقَوْلُهُ: "عُرِضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الرشيد بالقضاء، فلم يجيبه أَلْبَتَّةَ"، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا.
وَقَوْلُهُ: "انْتَهَى امْتِنَاعُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانِ٣ لَمَّا اسْتَقْضَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ، حَتَّى خُتِمَتْ دُورُهُ بِالطِّينِ أَيَّامًا".
قُلْت: ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِهِ".
حَدِيثُ: "سُئِلَتْ عَائِشَةَ عَنْ الْقَاضِي الْعَادِلِ، إذَا اسْتَقْضَاهُ الْأَمِيرُ الْبَاغِي، هَلْ يُجِيبُهُ، فَقَالَتْ: إنْ لَمْ يَقْضِ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، قَضَى لَكُمْ شِرَارُكُمْ، قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ
١ أخرجه البيهقي [٥/ ٢٦٨] ، كتاب البيوع: باب من قال: يجوز بيع العين الغائبة.
٢ أخرجه البيهقي [١٠/ ٩٨] ، كتاب آداب القاضي: باب كراهية الإمارة وكراهية تولي أعمالها لمن رأى من نفسه ضعفاً أو رأى موضعاً عنه بغيره ساقطاً.
٣ أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، كان من أئمة مذهب الشافعي. قال الخطيب: كان من أفاضل الشيوخ، وأمائل الفقهاء مع حسن المذهب، وقوة الورع، وأراد السلطان أن يوليه القضاء فامتنع واستتر، وسمر بابه لامتناععه. مات سنة ٣١٠. =