المقصود بفتنة القبر سؤال الملكين للعبد في قبره كما ورد بذلك الحديث الصحيح الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه - وإنه ليسمع قرع نعالهم - أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة، فيراهما جميعًا، وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين"(١).
ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بالله من فتنة القبر (٢).
قال القرطبي:"فتنة القبر: هي الضلال عن صواب إجابة الملكين فيه وهما: منكر ونكير"(٣).
فالمؤمن يوفق للجواب، والكافر يضل عن ذلك، كما قال تعالى {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
(١) رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال ح ١٣٣٨ (٣/ ٢٤٤)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه ح ٢٨٧٠ (١٧/ ٢٠٨). (٢) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام ح ٨٣٢ (٢/ ٣٦٩)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة ح ٥٨٩ (٥/ ٩١). (٣) المفهم (٧/ ٣٣).