وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، قال: نزلت في عذاب القبر، فيقال: من ربك؟ فيقول: ربي الله ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ (٢)} (٣).
قال القرطبي: "أي يثبتهم في هذه الدار على التوحيد والإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يميتهم عليه، وفي الآخرة عند المساءلة في القبر كما فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله فهو المقصود، وإن كان من قول البراء، فهذا لا يقوله أحدًا بن قبل نفسه ورأيه، فهو محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله وسكت البراء عن رفعه لعلم المخاطب بذلك، والله تعالى أعلم، وقد قيل عن البراء أنه قال: هما سؤال القبر وسؤال القيامة يعني: فيرشد المؤمن فيهما إلى الصواب ويصرف الكافر عن الجواب" (٤).
وذهب القرطبي - رحمه الله - إلى مشروعية تلقين الميت عند وضعه في قبره، وقد استدل بوصية عمرو بن العاص - رضي الله عنه - حيث قال: "فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنًّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها، حتى استأنس بكم، وانظر ماذا أراجع به رسل ربي" (٥).
(١) سورة إبراهيم، الآية: ٢٧. (٢) سورة إبراهيم، الآية: ٢٧. (٣) رواه البخاري في كتاب الجنائز باب ماجاء في عذاب القبرح (١٣٦٩) (٣/ ٢٧٤) ورواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه ح (٢٨٧١) (١٧/ ٢٠٩). (٤) المفهم (٧/ ١٤٨). (٥) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله ح ١٢١ (٢/ ٤٩٦).