شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)} (١) وأما هذا العدد المحصور للملائكة فكأنه عدد برؤسائهم وأما جملتهم فالعبارة عنها ما قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}(٢)" (٣)
وقال في تفسير سورة العلق: "قوله: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} (٤) أي: لتعذيبه وهم خزنة النار الموكلون بتعذيب الكفار وهم الملائكة الذين قال الله فيهم: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(٥) وسموا زبانية من الزبن وهو الدفع لشدة دفعهم وبطشهم" (٦).
[المطلب الثاني: الإيمان بالجن]
الإيمان بوجود الجن من الإيمان بالنبوات؛ لأن هذا إنما جاء من علم الغيب الذي جاء به الرسل عليهم السلام. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} (٧)، وسميت سورة من سور القرآن الكريم باسمهم. قال شيخ الإسلام: "لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن ... لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترًا معلومًا بالاضطرار" (٨).
(١) سورة التحريم، الآية: ٦. (٢) سورة المدثر، الآية: ٣١. (٣) المفهم (٧/ ١٨٧). (٤) سورة العلق، الآية: ١٨. (٥) سورة التحريم، الآية: ٦. (٦) المفهم (٧/ ٤٣٥). (٧) سورة الذاريات، الآية: ٥٦. (٨) الفتاوى لابن تيمية (١٩/ ١٠).