وقوله:"وعَفّروه": الفِعلُ في "عَفر" مخففًا: "يَعفِر عفرًا"، ومن (عفَّر): "يعفِّر تعفيرًا"(٢).
وقوله:"الثامنة": أي: "في الثامنة"؛ فيجيء فيه ما تقَدّم من تقدير الخَافِض، ويجوز أن تكُون "الثّامنة، بَدَلًا من الضّمير، أي: "عَفّروه الثّامنة بالتراب" (٣).
فإن قُلت: لو قَال: "وعفّروه الثّامنة" لعُلم أنّه بالتراب؛ لأنه لا يكون التعفير إلا به.
والجوابُ: أنّ "عفر" تضَمّن معنى فِعْل آخَر، وهو الخَلْط، أي: "اخلطوا الغَسْلة الثامنة بالتراب"؛ فلو لم يأت التركيب هكذا لتوهّم أنّ "التعفير" بغير خَلط بالماء.
وقد أضَاف ابن دُريد "العَفر" إلى "التراب" في قوله:
فأضاف "العَفر" إلى "البرا"، و"البرا": "التراب"، والشيء لا يُضَاف إلى نفسه، لكنه لما كان "العفر": "تراب يخالط لونه غيره"، فتجب الإضافة؛ لأنه أخَصّ من
(١) صحيحٌ: مسلم (٢٨٠/ ٩٣)، من حديث ابن الْمُغَفَّلِ. (٢) انظر: العين (٢/ ١٢٢)، ولسان العرب (٤/ ٥٨٣)، وتاج العروس (٣/ ٨٣)، والصحاح (٢/ ٧٥١). (٣) راجع: نُخب الأفكار (١/ ١٨٧). (٤) البيت من الرجز. وهو من مقصورة ابن دريد. انظر: شرح شافية ابن الحاجب للرضي (٤/ ٥٠٧)، المطالع النصرية للمطابع الأميرية (ص/ ٣١٢)، وجواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب (٢/ ٤٠١، ٤٠٨).