من معنى الجملة، فالتقديرُ هنا:"إذا تبايع الرجلان اختار كلُّ واحدٍ منهما"، أو:"فلْيَخْتَرْ".
قالوا: ويحذف جوابُ الشرطِ جوازًا إذا كان فعل الشّرط ماضيًا، كما وقع ههنا، أو كان منفيًّا بـ "لم"، نحو:"إن لم يقم زيدٌ فعمروٌ قائمٌ"(١).
قولُه:"ما لم يتفرقا": "ما" هنا ظرفية مصدَريّة، والمراد هنا:"تأقيتُ الخيارِ".
قولُه:"وكانا جميعًا": هذه الجملة مؤكِّدة لما قبلها، لكن الجملة الأولى منفيةٌ، والثانية مثبَتةٌ، فالمؤكِّد للمفهوم المنطوقُ. ويحتمل أنّ "الواو" للحَال، أي:"في حالِ كونِهما جميعًا"، فتكون حالًا مُؤكِّدة. وتقدّم الكَلام على ["جميعًا"] (٢) في الحديث الثّاني من "باب الجنابة"، وفي الثّالث من "باب صلاة الخوف".
قوله:"أو يخيِّر أحدُهما الآخرَ": هذا معطوفٌ على قوله: "ما لم يتفرقا"، أي:"ما لم يتفرّقا، وما لم يخير أحدُهما الآخرَ"، فهو مجزوم بالعطف على "يتفرقا".
قوله:"فيتبايعا على ذلك": معطوفٌ على قوله: "أو يخير" المجزوم، أي:"ما لم يتبايعا على ترك الخيار"، أي:"أوّل العقد". ويَحتمِل أن يكون الفعلُ مجزومًا بلام الأمر مقدَّرة، أي:"فليتبايعا على ذلك". وقد جاء من ذلك قوله:
أي:"لتفدِ نفسَك"(٤). وهذا يُوافق مُقتضى الحديثِ، ويُؤكِّد معناه.
(١) انظر: البحر المحيط (٥/ ٤٥١). (٢) بالنسخ: "جميعها". (٣) البيتُ من الوافر، وهو لأبي طالب. وعجزه: "إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالَا". وقد سبق تخريجه. انظر: معاني القرآن للأخفش (١/ ٨٢)، الإعلام لابن الملقن (١/ ٦٤٩)، سر صناعة الإعراب (٢/ ٦٩)، والمعجم المفصل (٦/ ٣٩). (٤) انظر إرشاد الساري (٤/ ٣٥٩)، الكتاب (٣/ ٨)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين =