وغيداء غنّتنا بلابل حليها … فجاوبها ورق الحمام المغرّد
لها أرج كالعنبر الورد لو بدت … لأصبت فؤاد العابد المتزهّد
تجمّعت الأضداد في حسن خلقها … فجسم رطيب قد حوى قلب جلمد
ولم أنس إذ مرّت بنا مثل ظبية … تهادى على رمل الكثيب بفرند
وألقت قناع اللّيل فوق سنا الضّحى … كما قد حوت درّا حقاق الزّبرجد
مرخّمة الألفاظ معسولة اللّمى … مفعّمة الخلخال فضّيّة اليد
شربت لماها والتثمت لثاثها … وقبّلت جيدا كالحسام المهنّد
وقالت أراك البدر قلت أو الّتي … إذا طلعت لم يبد نجم لمهتد
فتلك التي أودى فؤادي بحبّها … وخالفت فيها قول كلّ مفنّد
وشعره كثير، وأدبه مشهور.
ومنهم:
١٣٠ - علي بن معمر (١)
يكنى أبا الحسن. كان ﵀ من جلة العلماء المبرّزين، فاضلا ورعا زاهدا جليل المقدار، مع ما كان له من الأدب البارع والشّعر الرّائق. وصفه الفقيه أبو العباس أصبغ في كتابه فقال: تبوّأ للعبادة شعبا، وملئ من خوف الله العظيم رعبا، فانفرد ليستعدّ لسفره، وفقد حتّى لم يعد من نفره، فلزم داره، واتخذ التّبتّل شعاره ودثاره، واعتزل جميع النّاس، / ١٦٣ / ولبس بملابس التّقوى أصفى لباس.
كتب إليه يوما الفقيه أبو الحسن بن هارون بشعر أوله (٢):
لا ورمّان نهده … وببستان خدّه
وعقارب صدغه … قد حمت روض ورده
وضمور بخصره … واعتدال بقدّه
ولمى لؤلؤ جرى … فيه درياق شهده
وامتلاء بردفه … منحل جسم عبده
(١) له ترجمة في صلة الصلة: ٨٥ - ومختارات من الشعر المغربي والأندلسي: ٨٢ - وكانت وفاته سنة ٥٣٩.
(٢) القطعة واردة في: مختارات من الشعر المغربي: ٢٤٥.