فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ آية من كتاب الله عزَّ وجلَّ يذكر فيها النار {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}(١)، فلست أدرى كيف لي بالصدور بعد الورود، فقال المسلمون: صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين.
فقال عبد الله بن رواحة: يتمنى الشهادة.
لكننى أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرع تقذف الزبدا (٢)
أنت الرسول فيمن يُحرم نوافله ... والوجه منه فقد أزرى به القدر (٥)
ثم خرج القوم، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا ودعهم وانصرف عنهم قال عبد الله بن رواحة:
خلف السلام على امرئ ودّعته ... في النخل خير مشيع وخليل (٦)
(١) سورة مريم / آية ٧١. (٢) ذات فرع .. ذات سعة. والزبد هنا، رغوة الدم. (٣) مجهزة (بضم الميم وسكون الهاء وكسر الزاى) سريعة القتل. (٤) الجدث (بفتح أوله وثانيه) القبر. وكذلك الجدف. (٥) نافلة: هبة من الله تعالى، وعطية منه والنوافل العطايا. وأزرى به القدر. قال أبو ذر: قصر به. (٦) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٥ - ١٦.