أقول: ترجم البخاري (١) لذلك بقوله: "باب الشرب قائمًا. قال ابن بطال (٢): أشار بهذه الترجمة إلى أنها لم تصح عنده الأحاديث الواردة بكراهة الشرب قائماً. كذا قال وليس بجيد، بل الذي يشبه صنيعه إذا تعارضت الأحاديث أن لا يثبت الحكم. انتهى.
قلت: هنا لم يذكر البخاري حكماً، بل أطلق؛ إلا أن يدعي أنه إذا أطلق فقد أثبت حكماً هو الجواز فلا كراهة.
قوله في حديث ابن عباس (٣): "فشرب وهو قائم" أقول: تأتي أحاديث النهي عن الشرب قائماً قريباً.
فقال طوائف من العلماء: إنما شرب - صلى الله عليه وسلم - قائماً لبيان الجواز (٤).
قال الشيخ مجد الدين في "سفر السعادة": قال بعض العلماء: لا ينبغي أن يشرب قائماً [٣٧٤/ أ] , وإذا منع [من](٥) القعود عذر جاز الشرب قائماً. وتأتي وجوه الجمع بين أحاديث النهي والجواز، فهذا أحد الوجوه.
(١) في صحيحه (١٠/ ٨١ الباب رقم ١٦ - مع الفتح). (٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٨١). (٣) تقدم تخريجه، وهو حديث صحيح. (٤) قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (١٣/ ١٩٥): ... وليس في هذه الأحاديث - بحمد الله تعالى - إشكال ولا فيها ضعف, بل كلها صحيحة، والصواب فيها: أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه، وأما شربه - صلى الله عليه وسلم - قائماً فبيانٌ للجواز فلا إشكال ولا تعارض. (٥) في (ب): "عذر".