ثالثًا: مفاتشةُ العلماء، والأقران، ومناقشتهم في تفسير الآيات الكريمة.
وقد اهتم السلف بهذا جدًّا، ومما يدل على ذلك أنهم كانوا يعقدون مجالس خاصة لسماع القرآن من الحفاظ العلماء، فإن:«المطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين» كما يقول ابن تيمية (١).
وقال: «وهذا كان سماع سلف الأمة، وأكابر مشايخها وأئمتها، كالصحابة والتابعين ومن بعدهم من المشايخ: كإبراهيم بن أدهم، والفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، وأمثال هؤلاء.
وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى الأشعري يا أبا موسى: ذكرنا ربنا!، فيقرأ، وهم يسمعون ويبكون.
وكان أصحاب محمد إذا اجتمعوا، أمروا واحدًا منهم أن يقرأ القرآن، والباقي يستمعون.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ مر بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ، فجعل يستمع لقراءته، وقال: لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود، وقال: مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك، فقال: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرًا (٢)، أي لحسنته لك تحسينًا .. ولهذا السماع من المواجيد العظيمة، والأذواق الكريمة، ومزيد المعارف والأحوال الجسيمة= مالا يسعه