وقضية التعليل الأول: أن تكون يدُه يدَ استحفاظ، وهو قضية كلام الإمام والغزالي وغيرهما (١)، وقال في "المطلب": إنه الأشبه.
وقضية التعليل الثاني: أن تكون يدَ ملك، وهو قضية كلام "المهذب"، وصرح به المتولي، وجزم به الشيخان عند رجوع المقَر له عن التكذيب (٢).
ومقابل الأصحِّ: وجهان: أحدهما: ينزعه الحاكم ويتولى حفظه إلى أن يظهر مالكه؛ كالمال الضائع، فإن رأى استحفاظ صاحب اليد .. جاز؛ كغيره، والثاني: يُجبَر المقَر له على القبول والقبض، واستبعده الرافعي (٣).
والخلاف جارٍ في العين والدين؛ كما صرّحا به بعد هذه بقليل قبيل الركن الثاني (٤)، وقولُ ابن الرفعة في "المطلب": إن محلَّ الخلاف: في العين، وأجراه ابن يونس في الدين أيضًا، ولم أره لغيره .. مستغربٌ.
(فإن رجع المقِر في حال تكذيبه وقال:"غلطٌ") أو (تعمدُ الكذب)(٥)( .. قبل قوله في الأصحِّ) هذه المسألة مبنية على الخلاف السابق؛ فإن قلنا: بالأصحِّ -وهو أنه يترك المال في يد المقِر - .. فقد أبطلنا حكم الإقرار، وحينئذ يقبل رجوعه في مسألتنا، وإن قلنا: يحفظه القاضي .. فلا يُقبل رجوعه؛ لأنا لم نبطل حكمَ إقراره.
وقوله:(في حال تكذيبه) يعني: تكذيب المقَر له، وهو يوهم: أنه لو رجع المقَر له وصدّقه على الإقرار .. أنه لا يكون كذلك، وليس كذلك؛ فإن الأصحَّ: أن رجوع المقَر له غير مقبول، ولا يُصرفَ إليه إلا بإقرار جديد.
* * *
(١) نهاية المطلب (٧/ ٧٨)، الوجيز (ص ٢٢٤). (٢) المهذب (٢/ ٤٤١)، الشرح الكبير (٥/ ٢٨٨)، روضة الطالبين (٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩). (٣) الشرح الكبير (٥/ ٢٨٨). (٤) الشرح الكبير (٥/ ٢٨٩)، روضة الطالبين (٤/ ٣٥٩ - ٣٦٠)، كذا في جميع النسخ، والكلام قبيل الركن الثالث. (٥) في (ب (و (د): (غلطت أو تعمدت الكذب).