هي بتشديد الياء وتخفيفها، أصلها من عَارَ: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيّار؛ لكثرة ذهابه ومجيئه.
وقولُ الجوهري: إنها مشتقة من العار (١) معترض؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فعلها (٢).
قال ابن الرفعة: وحقيقة العارية شرعًا: إباحة الانتفاع بما يحلُّ الانتفاع به مع بقاء عينه؛ ليردَّها عليه (٣).
وهي مستحبة؛ لقوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، وقوله تعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}؛ فإن جمهور المفسّرين على أن المراد بذلك: ما يستعيره الجيران بعضُهم من بعض، قاله في "المحرر"(٤).
وكانت واجبةً في أول الإسلام (٥)، وقد فعلها عليه السلام (٦)، وأفتى الزبيري: بوجوب إعارة ما كُتِب عليه طبقة السماع؛ لينقل السامع منه.
(شرطُ المعير: صحةُ تبرعه) لأن الإعارة تبرع، فمن لا يتبرع؛ كالمكاتب وغيره من المحجورين .. لا يعير.
وكان ينبغي أن يقول:(تبرع ناجز) لأن السفيه أهلٌ للتبرع بالوصية ولا تصحُّ عاريته.
نعم؛ قال الماوردي: يجوز له إعارة بدنه إذا كان عمله ليس مقصودًا في كسبه؛
(١) الصحاح (٢/ ٦٥٣). (٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٤٧)، وأبو داوود (٣٥٦٢) عن صفوان بن أمية رضي الله عنه. (٣) كفاية النبيه (١٠/ ٣٥٦). (٤) المحرر (ص ٢٠٨)، في جميع النسخ: (قال في "المحرر")، ولعل الصواب ما أثبت. (٥) ذكر ذلك الإمام الروياني في "بحر المذهب" (٦/ ٣٩١). (٦) أخرجه البخاري (٢٦٢٧)، ومسلم (٢٣٠٧/ ٤٩) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.