(ولو ارتدّ المعتكف أو سَكِر .. بَطَل) الاعتكاف في زمن الردة والسكر؛ لعدم أهليتهما والحالةُ هذه، (والمذهب: بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابعِ) حتى يحتاج إلى استئنافه؛ لأن ذلك أشدّ وأقبح من الخروج من المسجد، وقيل: لا يبطل في المسألتين حتى يبنيان، وقيل: يبني المرتد؛ لأنه لا يمنع من المسجد، ولهذا يجوز استتابته فيه، ولا يبني السكران؛ لأنه يمنع منه؛ للآية، وهذا هو المنصوص فيهما، وقيل: يبني السكران دون المرتد؛ لأن السُّكر كالنوم، والردة تنافي العبادة. والمراد بـ (البطلان): عدم البناء عليه لا حبُوطُه بالكلية.
(ولو طرأ جنون أو إغماءٌ .. لم يبطل ما مضى إن لم يخرج) لأنه معذور بما عرض، كذا علله الرافعي (١).
وقضيته: أنه لو طرأ ذلك بسبب لا يعذر فيه .. انقطع، وبه صرَّح في "الكفاية" نقلًا عن البَنْدَنيجي، وقال: إنه يكون كالسكران (٢).
وكان ينبغي ترك التقييد بعدم الخروج؛ لاستواء حكمهما، فإنه إذا خرج - إن لم يمكن حفظه في المسجد - .. لم يبطل أيضًا؛ كما لو حُمل العاقلُ مكرهًا، وإن أمكن بمشقة .. فكالمريض إذا خرج، والصحيح فيه أيضًا: أنه لا ينقطع تتابعه.
(ويُحسب زمنُ الإغماء من الاعتكاف) كما في الصائم إذا أغمي عليه النهار، (دون الجنون) لأن العبادةَ البدنيةَ لا تصحّ منه.
(أو الحيض) أي: ولو كان الطارئ هو الحيضَ، أو النفاس ( .. وجب الخروج) لتحريم المكث عليهما، وفي حكمهما: كلّ ما لا يمكن معه المكثُ في المسجد؛ من النجاسات وغيرها.
(١) الشرح الكبير (٣/ ٢٦١). (٢) كفاية النبيه (٦/ ٤٧٣).