قال الماوردي: فليعجل الدفع بالأعلى، فيجوز أن يبدأ بالقتل (١)، وفي هذا القتل وجهان: أحدهما: قتل دفع، فيختص بالرجل دون المرأة، ويستوي فيه البكر والثيب، والثاني: قتل حد، وله أن ينفرد به دون السلطان.
فعلى هذا: له قتلها إن كانت ثيبًا مطاوعة، وتجلد البكر المطاوعة، وأما الرجل. . ففيه وجهان: أحدهما: يفرق فيه بين البكر والثيب، وأظهرهما: أنه لا فرق.
الثانية: لو كان الصائل يندفع بالضرب والعصا، والمصول عليه لا يجد إلا السيف. . فالصحيح: أن له الضربَ؛ لأنه لا يمكنه الدفع إلا به، وليس بمقصر في ترك استصحاب السوط.
الثالثة: ما سيأتي في الناظر للحُرَم؛ أنه يرمى بالحصا قبل الإنذار.
وإذا قصد إنسان قطع طرفه وكان لا يمتنع عنه إلا بقتال ربما يؤدي إلى قتل. . هل يقاتل عليه؟ قال في "الإحياء" قيل: فإن قلتم: نعم. . فهو محال؛ لأنه هلاك نفس خوفًا من إهلاك طرف، [و] في إهلاكها إهلاكه أيضًا، قلنا: يمنعه ويقاتله؛ إذ ليس الغرض حفظ طرفه، بل حفظ سبيل المنكرات (٢).
(فإن أمكن هرب. . فالمذهب: وجوبه وتحريم قتال)، اختلف نص الشافعي رضي الله عنه في هذه المسألة، وللأصحاب طريقان: أصحهما: على قولين: أظهرهما: أنه يجب الهرب؛ لأن الإنسان مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون، والهرب أهون، والثاني: لا يجب؛ لأن إقامته في ذلك الموضع جائزة، فلا يكلف الانصراف، والطريق الثاني: حمل نص الهرب على من تيقن النجاة بالهرب، والآخر على من لا يتيقن.
(ولو عضت يده. . خلصها بالأسهل من فك لحييه) أي: رفع أحدهما عن الآخر
(١) الحاوي الكبير (١٧/ ٣٧٢). (٢) إحياء علوم الدين (٢/ ٣٢٣).