قال الإمام والغزالي: ولا اعتبار بالانتساب إلى عظماء الدنيا والظلمة المستولين على الرقاب وإن كان الناس قد يتفاخرون بهم. قال الرافعي: وما قالاه لا يساعده كلام النقلة، وقد قال المتولي: للعجم عرف في الكفاءة فيتعين عرفهم. انتهى، وجرى عليه المصنف (١).
(وعفّة، فليس فاسق كفء عفيفة) لعدم المساواة، قال تعالى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} , وقال:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} الآية، وكذا لا يكون المبتدع كفئًا للسنية، نقلاه عن الروياني، وأقراه (٢).
وأفهم كلامه أمورًا: أحدها: أن غير الفاسق كفء لها سواء فيه العدل والمستور، وبه صرح الإمام وابن الصلاح (٣)، الثاني: أن الفسق والعفاف يراعى في الزوجين لا في آبائهما، وبه صرح الماوردي وجماعة، وجزم به في "الكفاية"، لكن في "الروضة" و"أصلها" تبعًا للبغوي: أن من أسلم بنفسه ليس كفئًا لمن لها أبوان وأكثر في الإسلام في الأصحِّ (٤).
قال الأَذْرَعي: وقضية كلام البغوي -أي: ومن تبعه- ألّا يكون من أسلم بنفسه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كفئًا لبنات التابعين، وهذا زلل، وكيف لا يكونوا، وهم أفضل الأمة (٥)؟ ! الثالث: أنه لا فرق في اعتبار وصف الفسق والعفاف بين
(١) نهاية المطلب (١٢/ ١٥٤)، الوسيط (٥/ ٨٥)، الشرح الكبير. (٧/ ٥٧٨)، روضة الطالبين (٧/ ٨٤). (٢) الشرح الكبير (٧/ ٥٧٦)، روضة الطالبين (٧/ ٨١). (٣) نهاية المطلب (١٢/ ١٥٥)، الوسيط (٥/ ٨٦). (٤) الحاوي الكبير (١٢/ ١٤٢)، كفاية النبيه (١٣/ ٦٤)، الشرح الكبير (٧/ ٥٧٦)، روضة الطالبين (٧/ ٨١)، التهذيب (٥/ ٢٩٨). (٥) هكذا في جميع النسخ (يكونوا) بحذف (النون)، مع أن الفعل مرفوع، وهي لغة صحيحة، راجع تعليق العلامة أحمد شاكر حول حذف (النون) حالة الرفع في "سنن الترمذي" (٢/ ٣٨٥)، و"الرسالة" (ص ٥٩٧)، فهو مفيد.