إذا تقرر ذلك: فللعلماء في شهادة العبد ثلاثة أقوال:
أحدها: جوازها كالحر، روي عن علي كقول أنس وشريح، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور (١).
وثانيها: جوازها في الشيء التافه، روي عن الشعبي كقول الحسن والنخعي.
ثالثها: لا تجوز في شيء أصلًا، روي عن عمر (٢) وابن عباس، وهو قول عطاء ومكحول (٣)، وإليه ذهب الثوري والأوزاعي والأئمة الثلاثة مالك وأبو حنيفة والشافعي (٤).
قال ابن التين: وهو قول سائر فقهاء الأمصار سوى من تقدم.
حُجة الأوَّل: أنه إذا كان رَضِي فهو داخل في قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] والعبد يكون رضيًّا وصالحًا، قال تعالى:{وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور: ٣٢] وأيضًا فإشارة الشارع على عقبة بالتنزه عن زوجته؛ من أجل شهادة الأمة، دلالة على سماع شهادة المملوك والحكم بشبهتها.
حُجَّة الثاني: الاعتقاد في اليسير.
حُجَّة الثالث: قالوا: ليس الحديث على وجه الوجوب، وإنما هو من باب الندب، فلا تلزم الحجة به، قال تعالى:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢] والإباء إنما يكون من الحر، والعبد ممنوع من
(١) "مسائل أحمد وإسحاق" برواية الكوسج ٢/ ٣٨٨ (٢٩٠٣)، "المغني" ١٤/ ١٨٥. (٢) عبد الرزاق ٨/ ٣٤٧ (١٥٤٦٠). (٣) "مصنف ابن أبي شيبة" ٤/ ٢٩٨. (٤) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٣٥، "المدونة" ٤/ ٨٠، "الأم" ٧/ ٤٣.