وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} الآية، والكلام في معنى (مثل الجنة) وإعرابه قد مر في سورة الرعد [آية: ٣٥] بأبلغ استقصاء. قوله تعالى:{الْمُتَّقُونَ} قال الكلبي ومقاتل: هم أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- يتقون الشرك (١).
قوله تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} وتقرأ: أسن. بالقصر، روى أبو عبيد عن أبي زيد: أسَنَ الماءُ يأسِنُ أَسْنا وأُسُوناً، إذا تغير، وهو الذي لا يشربه أحدٌ من نتنه (٢)، وكذلك: أسن الرجل يأسن، إذا غشي عليه من ريح خبيثة، وربما مات منها (٣) وأنشد لزهير:
وهو الرجل الذي دخل بئراً فاشتد عليه ريحها حتى يصيبه دوار فيسقط، وقال المبرد: يقال أسن يأسِن أسَناً فهو آسِن وأسِن، وهو المتغير الرائحة وقياسه: حذر يحذر حذرًا فهو حاذر وحَذِر (٥)، قال المفسرون في الآسن: هو المتغير المنتن (٦){وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} قالوا: لا يحمض كما تتغير ألبان أهل الدنيا، وذلك أنها لم تخرج من ضروع الإبل ولا الغنم (٧){وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} كقوله: {بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٤٦، "تنوير المقباس" ص ٥٠٨. (٢) انظر هذا القول بنصه في "تهذيب اللغة" (أسن) ١٣/ ٨٤، وانظر: "اللسان" (أسن) ١٣/ ١٦. (٣) انظر: "تهذيب اللغة" (أسن) ١٣/ ٨٥، "اللسان" (أسن) ١٣/ ١٧. (٤) انظر: "ديوان زهير" ص ١٢١، و: تهذيب اللغة" (أسن) ١٣/ ٨٤، "اللسان" (أسن) ١٣/ ١٧، "الحجة" ٦/ ١٩١، "الدر المصون" ٦/ ١٥٠، "البحر المحيط" ٨/ ٧٠. (٥) انظر: "الكامل" للمبرد ٣/ ٦٨. (٦) انظر: "جامع البيان" ١٣/ ٤٩، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٢٦ أ، "البغوي" ٧/ ٢٨٢. (٧) قال ابن جرير: لأنه لم يحلب من حيوان فيتغير طعمه بالخروج من الضروع، ولكنه=