وقال الحسن: كانت غفار وأسلم أهل سلة في الجاهلية، أي سرقة، فلما أسلموا قالت قريش: لو كان خيرًا ما سبقونا إليه (١).
وذكر صاحب النظم في اللام في قوله:{لِلَّذِينَ آمَنُوا} وجهين: أحدهما أن تكون اللام بمنزلة الإيماء إليهم، كأنه يقول: وقال الذين كفروا لو كان هذا الذي جاء به محمد خيرًا لما سبقنا هؤلاء إليه، فقام قوله:(للذين آمنوا) مقام هؤلاء بالتفسير لهم مَن هم، والوجه الآخر: أن يكون المعنى: وقال الذين كفروا للذين آمنوا على المخاطبة كما تقول: قال زيد لعمرو، ثم ترك المخاطبة (٢) ولون الكلام كقوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}[يونس: ٢٢] قوله: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} أي: ولما لم يصيبوا الهداية بالقرآن فسينسبونه إلى الكذب وهو قوله: {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أي: أساطير الأولين. ويدل على أن المراد بقوله:(الذين كفروا) اليهود قوله: {وَمِنْ قَبْلِهِ} يعني قبل: القرآن {كِتَابُ مُوسَى} يريد التوراة {إِمَامًا} يقتدى به {وَرَحْمَةً} من الله عز وجل للناظر فيه بما يجد من نور الهدى، وفي الكلام محذوف به يتم المعنى على تقدير: فلم يهتدوا به، ودل على هذا المحذوف قوله في الآية الأولى:{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ}(٣)، وذلك أن في التوراة بيان بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- والإيمان به فتركوا ذلك، وهذا
(١) لم أقف عليه. (٢) ذكر السمين الحلبي في "الدر المصون" أن اللام يجوز أن تكون لام العلة أي لأجلهم، وأن تكون للتبليغ. انظر: "الدر المصون" ٦/ ١٣٧. (٣) ذكر ذلك البغوي في تفسيره / ٢٥٦، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٣٧٦، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ١٩١، والمؤلف في "تفسير الوسيط" ٤/ ١٠٥.