ونحو هذا روى عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرؤه (١). وعلى هذا يجوز أن يكون يقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أب المؤمنين أي: في الحرمة ووجوب الطاعة كما أن أزواجه أمهات المؤمنين. ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يقال: هو ابن (٢) المؤمنين؛ لقوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ}[الأحزاب: ٤٠] ولكن يقال: هو مثل الأب للمؤمنين؛ لقوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} يقال: هو مثل الأب للمؤمنين كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنا لكم مثل الوالد"(٣). ونص الشافعي رحمه الله على أنه يجوز أن يقال: هو أب المؤمنين أي في الحرمة (٤). والذي في قوله:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} أي في النسب، يعني ليس أحد من رجالكم ولد صلبه.
وقال السدي: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم في دينهم (٥).
وعلى هذا هو أولى بهم من أنفسهم فيما يأمرهم به من أمور
(١) ذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٦٧، وعزاه للفريابي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في "سننه". (٢) هكذا في جميع النسخ! وهو خطأ، والصواب: أبو. (٣) هذا جزء من حديث رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، ونص الحديث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه" الحديث أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب. الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء ١/ ٣ رقم الحديث (٨)، والنسائي في "سننه" كتاب الطهارة، باب النهى عن الاستطابة بالروث ١/ ٣٨، وابن ماجه في "سننه" كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة ١/ ١١٤ رقم الحديث (٣١٣)، والإمام أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٤٧، ٢٥٠ (٤) انظر: "الأم" ٥/ ١٢٦. (٥) لم أقف عليه.